للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال: هو جسم فقد أبطل قوله إنه أحدثه في محل الجسم لا يقوم بالجسم. فإذا لم يقل هو بإثبات الصفات الأذلية، ولا قال بخلق الأعراض؛ فلا يكون لله تعالى كلام يتكلم به على مقتضى مذهبه، وإذا لم يكن له كلام لم يكن آمرا ناهيا، وإذا لم يكن أمر ونهى لم تكن شريعة أصلا. فأدى مذهبه إلى خزي عظيم.

ومنها أنه قال إن الأعراض لا تتناهى في كل نوع، وقال كل عرض قام بمحل فإنما يقوم به لمعنى أوجب القيام، وذلك يؤدي إلى التسلسل. وعنهذه المسألة سمي هو وأصحابه، أصحاب المعاني. وزاد على ذلك فقال: الحركة إنما خالفت السكون لا بذاتها، بل بمعنى أوجب المخالفة، وكذلك مغايرة المثل المثل ومماثلته، وتضاد الضد الضد، كل ذلك عنده بمعنى.

ومنها: ما حكى الكعبي عنه أن الإرادة من الله تعالى للشيء غير الله، وغير خلقه للشيء، وغير الأمر، والإخبار، والحكم. فأشار إلى أمر مجهول لا يعرف. وقال: ليس للإنسان فعل سوى الإرادة، مباشرة كانت أو توليدا، وأفعاله التكليفية من القيام والقعود، والحركة، والسكون في الخير والشر كلها مستندة إلى إرادته؛ لا على طريق المباشرة ولا على طريق التوليد، وهذا عجب. غير أنه إنما بناه على مذهبه في حقيقة الإنسان. وعنده: الإنسان معنى أو جوهر غير الجسد، وهو عالم، قادر، مختار، حكيم، ليس بمتحرك، ولا ساكن، ولا متكون، ولا متمكن، ولا يرى، ولا يمس، ولا يحس، ولا يجس، ولا يحل موضعا دون موضع، ولا يحويه مكان، ولا يحصره زمان؛ لكنه مدبر للجسد، وعلاقته مع البدن علاقة التدبير والتصرف. وإنما أخذ هذا القول من الفلاسفة، حيث قضوا بإثبات النفس الإنسانية أمرا ما، هو جوهر قائم بنفسه، لا متحيز ولا متمكن. وأثبتوا من جنس ذلك موجودات عقلية مثل العقول المفارقة. ثم لما كان ميل معمر بن عباد إلى مذهب الفلاسفة ميز بين أفعال النفس التي سماها إنسانا؟ وبين القالب الذي هو جسده؛ فقال: فعل النفس هو

<<  <  ج: ص:  >  >>