للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الإرادة فحسب، والنفس إنسان؛ ففعل الإنسان هو الإرادة؛ وما سوى ذلك من الحركات والسكنات والاعتمادات فهي من فعل الجسد.

ومنها: أنه يحكى عنه أنه كان ينكر القول بأن الله تعالى قديم، لأن قديم أخذ من قدم يقدم فهو قديم؛ وهو فعل كقولك أخذ منه ما قدم وما حدث. وقال أيضا: هو يشعر بالتقادم الزماني، ووجود الباري تعالى ليس بزماني.

ويحكى عنه أيضا أنه قال: الخلق غير المخلوق، والإحداث غير المحدث.

وحكى جعفر بن حرب عنه أنه قال: إن الله تعالى محال أن يعلم نفسه؛ لأنه يؤدي إلى أن يكون العالم والمعلوم واحدا، ومحال أن يعلم غيره، كما يقال محال أن يقدر على الموجود من حيث هو موجود. ولعل هذا النقل فيه خلل؛ فإن عاقلا ما لا يتكلم بمثل هذا الكلام غير المعقول.

لعمري لما كان الرجل يميل إلى الفلاسفة، ومن مذهبهم: أنه ليس علم الباري تعالى علما انفعاليا، أي تابعا للمعلوم. بل علمه علم فعلي؛ فهو من حيث هو فاعل عالم، وعمله هو الذي أوجب الفعل، وإنما يتعلق بالموجود حال حدوثه لا محالة، ولا يجوز تعلقه بالمعدوم على استمرار عدمه، وأنه علم وعقل، وكونه عقلا، وعاقلا، ومعقولا شيء واحد. فقال ابن عباد: لا يقال: يعلم نفسه، لأنه قد يؤدي غلى تمايز بين العالم والمعلوم، ولا يعلم غيره؛ لأنه يؤدي إلى كون علمه من غيره يحصل. فإما أن لا يصح النقل، وإما أن يحمل على مثل هذا المحمل، ولسنا من رجال ابن عباد فنطلب لكلامه وجها.

<<  <  ج: ص:  >  >>