للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عنه إذ كانت البيعة في أيام الفتنة من غير اتفاق من جميع الصحابة، إذ بقي في كل طرف طائفة على خلافه.

ومن بدعه أن الجنة والنار ليستا مخلوقتين الآن، إذ لا فائدة في وجودهما وهما جميعا خاليتان ممن ينتفع ويتضرر بهما. وبقيت هذه المسألة منه اعتقادا للمعتزلة. وكان يقول بالموافاة، وأن الإيمان هو الذي يوافي الموت. وقال: من أطاع الله جميع عمره، وقد علم الله أنه يأتي بما يحيط أعماله ولو بكبيرة لم يكن مستحقا للوعد، وكذلك على العكس. وصاحبه عباد١ من المعتزلة، وكان يمتنع من إطلاق القول بأن الله تعالى خلق الكافر، لأن الكافر كفر، وإنسان. والله تعالى لا يخلق الكفر. وقال النبوة جزاء على عمل، وإنها باقية ما بقيت الدنيا, وحكى الأشعري٢ عن عباد أنه زعم أنه لا يقال:


١ هو عبادة بن سليمان الضمري، من الطبقة السابقة من المعتزلة، يظن أنه توفي في حدود سنة ٢٥٠هـ.
٢ ذكر الأشعري في "مقالات الإسلاميين" أن عبادا كان يقول:
هو عالم قادر حي، ولا أثبت له علما، ولا قدرة، ولا حياة، ولا أثبت له اسما، ولا أثبت له بصرا. وأقول: هو عالم لا يعلم، وقادر لا بقدر، حي لا بحياة، وسميع لا يسمع. وكذلك سائر ما يسمى به من الأسماء يسمى بها، لا لفعله ولا لفعل غيره.
وكان ينكر قول من قال إنه عالم قادر حي لنفسه ولذاته، وينكر ذكر النفس وذكر الذات. وينكر أن يقال إن لله علما أو قدرة أو سمعا أو بصرا أو حياة أو قدما. وكان يقول: قولي عالم إثبات اسم لله ومعه علم بمعلوم. وقولي قادر إثبات اسم لله ومعه علم بمقدور. وقولي حي إثبات اسم الله.
وكان ينكر أن يقال إن للباري وجها ويدين وعينين وجنبا. وكان يقول: أقرأ القرآن وما قال الله من ذلك فيه، ولا أطلق ذلك بغير قراءة. وينكر أن يكون معنى القول في البارئ إنه عالم: معنى القول فيه إنه قادر. وأن يكون معنى القول فيه إنه قادر القول فيه إنه حي. وكذلك صفات الله التي يوصف بها لا لفعله كالقول: سمع ليس معناه أنه يصير ولا معناه عالم.
وكان إذا سئل عن القول عزيز، قال: إثبات اسم الله. ولم يقل أكثر من هذا وكذلك جوابه في عظيم، مالك، سيد.
وكان يقول: لا يقال إن البارئ لم يزل خالقا، ولا يقال لم يزل غير خالق. ولا يقال لم يزل رازقا ولا يقال لم يزل غير رازق. وكذلك قوله في سائر الصفات.
وقال هشام وعباد: لا نقول إن شيئا من الأعراض يدل على الله سبحانه، ولا نقول أيضا إن عرضا =

<<  <  ج: ص:  >  >>