الأشعري، ورتبوا على هذه المسألة: مسألة أن المعدوم شيء. فمن يثبت كونه شيئا كما نقلنا عن جماعة من المعتزلة، فلا يبقى من صفات الثبوت إلا كونه موجودا. فعلى ذلك لا يثبت للقدرة في إيجادها أثرا ما سوى الوجود. والوجود على مذهب نفاة الأحوال لا يرجع إلا إلى اللفظ المجرد. وعلى مذهب مثبتي الأحوال هو حالة لا توصف بالوجود ولا بالعدم. وهذا كما ترى من التناقض والاستحالة. ومن نفاة الأحوال من يثبته شيئا ولا يسميه بصفات الأجناس. وعند الجبائي أخص وصف الباري تعالى هو القدم، والاشتراك في الأخص يوجب الاشتراك في الأعم. وليت شعري! كيف يمكنه إثبات الاشتراك والافتراق، والعموم والخصوص حقيقة وهو من نفاة الأحوال؟ فأما على مذهب أبي هاشم فلعمري هو مطرد، غير أن القدم إذا بحث عن حقيقته رجع إلى نفي الأولية، والنفي يستحيل أن يكون أخص وصف الباري.
واختلفا في كون سمعيا بصيرا. فقال الجبائي: معنى كونه سميعا بصيرا أنه حي لا آفة به.
وخالفه ابنه وسائر أصحابه. أما ابنه فصار إلى كونه سميعا حالة، وكونه بصيرا حالة. وكونه بصيرا حالة سوى كونه عالما؛ لاختلاف القضيتين والمفهومين، والمتعلقين، والأثرين.
وقال غيره من أصحابه: معناه كونه مدركا للمبصرات، مدركا للمسموعات. واختلفا أيضا في بعض مسائل اللطف. فقال الجبائي فيمن يعلم الباري تعالى من حاله أنه لو آمن مع اللطف لكان ثوابه أقل لقلة مشقته، ولو آمن بلا لطف لكان ثوابه أكثر لكثرة مشقته: إنه لا يحسن منه أن يكلفه إلا مع اللطف. ويسوي بينه وبين من المعلوم من حاله أنه لا يفعل الطاعة على كل وجه إلا مع اللطف. ويقول: إذ لو كلفه مع عدم اللطف لوجب أن يكون مستفسدا حاله، غير مزيح لعلته.
ويخالفه أبو هاشم في بعض المواضع في هذه المسألة. قال: يحسن منه تعالى أن يكلفه