للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سبابه، وقتاله، وجعل أحدهما فسوقاً لا يكفر به، والآخر/كفراً/ (١) ، ومعلوم أنه إنما أراد الكفر العملي، لا الاعتقادي، وهذا الكفر لا يخرجه من الدائرة الإسلامية، والملة بالكلية، كما لم يخرج الزاني، والسارق، والشارب، من الملة، وإن زال عنه اسم الإيمان (٢) .

وهذا التفصيل هو قول الصحابة، الذين هم أعلم الأمة بكتاب الله، وبالإسلام، والكفر، ولوازمها، فلا تلقى هذا المسائل إلا عنهم، والمتأخرون لم يفهموا مرادهم، فانقسموا فريقين: /فريق/ (٣) أخرجوا من الملة بالكبائر، وقضوا على أصحابها بالخلود في النار (٤) ، و/فريق/ (٥) جعلوهم مؤمنين كاملي الإيمان (٦) . فأولئك غلوا, وهؤلاء جفوا، فهدى الله أهل السنة، للطريق المثلى، والقول الوسط (٧) ، الذي هو في المذهب، كالإسلام في الملل (٨) ، فها هنا كفر دون كفر، ونفاق دون نفاق، وشرك دون شرك، وظلم دون ظلم. فعن ابن عباس في قوله: {وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ} (٩) ...............


(١) في (ب) ، و (ج) ، و (د) ، والمطبوع: كفر.
(٢) أي حين اقترافه لإحدى هذه الأمور. انظر: كتاب "الصلاة وحكم تاركها"، ص٥٧.
(٣) في (ب) ، و (ج) ، و (د) والمطبوع: فريقاً.
(٤) وهم الخوارج والمعتزلة. غير أن المعتزلة يخرجون صاحب الكبيرة من الإيمان، ولا يدخلونه في الكفر، ويقولون إنه في منزلة ما بين المنزلتين، ويتفقون مع غيرهم في تخليده في النار؛ بناءً على أصل مذهبهم في الوعيد، بأنه يجب على الله إنفاذه.
(٥) في (ب) ، والمطبوع: فريقاً.
(٦) وهم المرجئة الذين لا يعتبرون الأعمال من الإيمان، وعليه فأهل الكبائر مؤمنون كاملو الإيمان، كما يقول الغلاة فيهم "لا يضر مع الإيمان معصية، كما لا ينفع مع الكفر طاعة". وقد تقدم بيان مذهبهم في ص١٧٤.
(٧) تقدم قول أهل السنة في أصحاب الكبائر في ص١٧٥.
(٨) وقد ذكر وسطية الإسلام في قوله تعالى: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطاً لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ} الآية، [البقرة:١٤٣] .
(٩) سورة المائدة: الآية (٤٤) .

<<  <  ج: ص:  >  >>