للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الرسالة الثانية والخمسون: في الكلام على فضل طلب العلم]

...

"الرسالة الثانية والخمسون"١

قال جامع الرسائل:

بسم الله الرحمن الرحيم

كتب أخ لأخيه وهو في الرياض يطلب العلم: يكفيك يا أخي لطلب العلم سورة العصر، فإنها كما قال الشافعي: لو فكر الناس فيها لكفتهم ٢. فوقع الخط في يد الشيخ الفاضل العلم الكامل عبد اللطيف بن الشيخ عبد الرحمن بن حسن رحمهم الله تعالى وعفا/عنهم/٣ آمين. فكتب على ظهر الخط:

اعلم أن قول الشافعي رحمه الله تعالى فيه دلالة ظاهرة على وجوب طلب العلم مع القدرة، في أي مكان. ومن استدل به على ترك الرحلة، والاكتفاء بمجرد التفكر في هذه السورة، فهو خلي الذهن من الفهم والعلم والفكرة إن كان في قلبه أدنى حياة ونهمة للخير، لأن الله افتتحها بالإقسام بالعصر الذي هو زمن تحصيل الأرباح للمؤمنين، وزمن الشقاء والخسران للمعرضين الضالين.

وطل بالعلم ومعرفة ما قصد به العبد من الخطاب الشرعي، أفضل الأرباح وعنوان الفلاح، والإعراض عن ذلك علامة الإفلاس والإبلاس٤. فلا ينبغي للعاقل العارف أن يضيع أوقات عمره، وساعات دهره إلا في طلب العلم النافع، والميراث المحمدي، كما قيل في المعنى: شعرا:

أليس من الخسران أن لياليا ... تمر بلا نفع وتحسب من عمري


١ وردت هذه الرسالة في حاشية "أ" ص ٧٢ -٧٦.
٢ تقدم له هذا الكلام في ص ٢٧٨.
٣ في الأصل: عنهما.
٤ الإبلاس: الحيرة، وهو القنوط وقطع الرجاء من رحمة الله. لسان العرب، ٦/٢٩، ٣٠، مادة "بلس".

<<  <  ج: ص:  >  >>