للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الرسالة الثامنة والعشرون: إلى عبد الله بن نصير]

...

(الرسالة الثامنة والعشرون)

قال جامع الرسائل

وله أيضاً -قدس روحه ونور ضريحه- رسالة إلى الشيخ عبد الله بن نصير٢ وقد ذكر له الشيخ عبد الله في رسالته، كلام أبي بكر بن العربي المالكي٣ في معنى قوله تعالى: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْأِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ} ٤.

فأجابه -رحمه الله- بهذا الجواب الباهر الفائق، وأرخى عنان قلمه بميدان المعارف والحقائق، وكشف له القناع عن مدارك أحكام أهل التحقيق، ورفع له الأعلام إلى ذلك المهيع والطريق، وبين له –رحمه الله- غلط أبي بكر بن العربي، فيما زعمه وقرره من أن معناه لبعض أهل السنة، وليس كما زعمه وحرره، بل إن ما اعتمده وعول عليه في معنى هذه الآية، هو كلام القدرية المجبرة٥. فأما أن يكون جهلاً منه، بأنه


١ جاءت هذه الرسالة في المطبوع في ص ١٩٩- ٢٠٦. وهي الرسالة رقم (٣٥) . وجاءت في (ب) متقدمة، في ص ٤٢- ٤٨. وهي الرسالة رقم (١٠) فيها.
٢ هو عبد الله بن نصير المطرفي، من المطارفة، أحد بطون قبيلة عنزة الشهيرة، رحل إلى الرياض، وأخذ عن الشيخ عبد الرحمن بن حسن، وعينه الإمام تركي بن عبد الله قاضياً على مدينة الرياض، ثم ضرما. وكان كفيف البصر. توفي في أيام الإمام تركي. علماء نجد خلال ستة قرون ٢/ ٦٤٦.
٣ تقدمت ترجمته في ص ٣٩٦.
٤ سورة الذاريات الآية (٥٦) .
٥ القدرية المجبرة: ويسمون ب "الجبرية" وهم الذين ينفون الفعل حقيقة عن العبد، ويضيفونه إلى الرب تبارك وتعالى. أي أن العبد ليس له أدنى اختيار فيما يعمله من عمل.
ومذهبهم هذا قائم على أن العبد مجبور على أفعاله، وأنه لا فعل له البتة، وليس بقادر أصلاً، فليس له قدرة ولا اختيار، وإنما هو كالريشة في الهواء، فالله وحده هو الفاعل القادر.
انظر: الملل والنحل ١/ ٨٥، ومجموع فتاوى شيخ الإسلام ٨/ ٤٦٠، ١٣/ ٣٧، ١٦/ ٢٣٥. وهذا القول يقابله قول "القدرية النفاة" فهما متقابلان تقابل التضاد، وعلى طرفي نقيض من إرادة الإنسان. فبينما ينفي الجبري القدرة والاختيار عن العبد، يأتي القدري فيثبتهما له، وأنه ليس لله فيما يعمله العبد دخل.

<<  <  ج: ص:  >  >>