للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مخالف لقول أهل السنة، أو تقليداً منه لمن كان يحسن فيه ظنه، هذا إن لم يكن موافقاً لهم في أصل الجبر، والقول به؛ فقد يدخل عليه كلامهم وكلام نظرائهم، فلا ينكره، بل يقرره ويأخذ به.

وهذا نص الرسالة:

بسم الله الرحمن الرحيم

من عبد اللطيف بن عبد الرحمن، إلى الأخ المحب الشيخ عبد الله بن نصير، سلمه الله تعالى، سلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فإني أحمد إليك الله الذي لا إله إلا هو على نعمه. والخط الذي ذكرت /فيه/١ كلام أبي بكر بن العربي المالكي، في معنى قوله تعالى: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْأِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ} ٢ قد وصل. وتأملته فوجدته قد اعتمد وعول في معنى هذه الآية، على القدرية المجبرة، وغلط في زعمه أن معناه لبعض أهل السنة.

وابن العربي إن لم يكن موافقاً لهم في أصل الجبر والقول به، فقد يدخل عليه كلامهم وكلام نظرائهم، ولا ينكره، بل يأخذ به ويقرره؛ إما جهلاً منه بأنه مخالف لقول أهل السنة، أو تقليداً لمن يحسن به الظن، أو لأسباب أخرى، وليس هذا خاصاً به، بل قد وقع فيه كثير من أتباع الأئمة المنتسبين إلى أهل السنة.

فإن قوله في تفسير قوله تعالى: {إِلَّا لِيَعْبُدُونِ} ٣ أي إلا لتجري أفعالهم على


= انظر: الملل والنحل ١/ ٤٣، والفرق بين الفرق ص [١١٦] .
أما أهل السنة، فهم وسط بين الفريقين، يقولون: إن للإنسان إرادة واستطاعة واختيار لما يقوم به من عمل، لكنها لا تتم إلا بتوفيق الله تعالى للطائعين، والخذلان للعاصين. فهو سبحانه وتعالى خالق لأفعالهم وهم الفاعلون باختيارهم.
[انظر: الفصل في الملل والأهواء والنحل ٣/ ٢٠] .
١ في (د) : في.
٢ سورة الذاريات الآية (٥٦) .
٣ سورة الذاريات الآية (٥٦) .

<<  <  ج: ص:  >  >>