للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وليبحث عمّا /قاله/ (١) المفسِّرون وأهل العلم في /تأويلها/ (٢) ، ولينظر ما وقع من أكثر الناس اليوم، فإنّه يتبين له -إن وُفِّق وسُدِّد- أنّها تتناول من ترك جهادهم، وسكت عن عيبهم، وألقى إليهم السلم (٣) ، فكيف بمن أعانهم، أو جرَّهم على بلاد أهل الإسلام، أو أثنى عليهم، أو فضَّلهم بالعدل على أهل الإسلام، واختار ديارهم ومساكنتهم وولايتهم، وأحبَّ ظهورهم، فإنّ هذا رِدَّة صريحة بالاتفاق، قال تعالى: {وَمَنْ يَكْفُرْ بِالْأِيمَانِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ} (٤) .

وقد عرفتم ما كان عليه أسلافكم من أهل الإسلام، وما منَّ الله به عليكم من دعوة شيخنا -رحمه الله- إلى توحيد الله، والإيمان به، وإخلاص الدين له، والبراءة من أعدائه، وجهادهم، وببركة دعوته وبيانه، حصل للإسلام من الظهور والنصر وإعلاء كلمة الله، ما لم يحصل مثله في دياركم وأوطانكم منذ قرون متطاولة. فيجب شكر هذه النعمة، ورعايتها حق الرعاية، والعض عليها بالنواجذ، وأن لا تستبدل بموالاة أعداء الله ورسله، والانحياز إلى دولتهم، والرضا بطاعتهم، قال تعالى: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَتَ اللَّهِ كُفْراً وَأَحَلُّوا قَوْمَهُمْ دَارَ الْبَوَارِ جَهَنَّمَ يَصْلَوْنَهَا وَبِئْسَ الْقَرَارُ} (٥) . فاتقوا الله عباد الله، {وَاتَّقُوا يَوْماً تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ} (٦) ، ودَعوا اللجاج والمراء، وتمسّكوا بما جاء عن الله ورسوله من البينات والهدى، ولا يسهل لديكم مبارزة ربِّ السموات العلى، بما عليه غالب الناس اليوم، من الكفر والتعطيل والشرك والجدل والمراء، ولا تفتحوا أبواب الفتن، للمشاقة والتفرُّق والقدح في أهل الإسلام، فإنَّ ذلك من الصدِّ عن سبيل الله، ومن الفتنة عن دينه الذي ارتضاه.


(١) كذا في المطبوع. وفي جميع النسخ: (قال) .
(٢) في المطبوع: تفسيرها وتأويلها.
(٣) انظر: الجامع لأحكام القرآن، للقرطبي ١٧/١٩٩.
(٤) سورة المائدة: الآية (٥) .
(٥) سورة إبراهيم: آية (٢٨-٢٩) .
(٦) سورة البقرة: الآية (٢٨١) .

<<  <  ج: ص:  >  >>