للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والطواف بالقبور واستلامها من أوضاع المشركين والجاهلية، وفيها مضاهاة لما يفعله اليهود والنصارى عند قبور أحبارهم ورهبانهم.

وأفضل القبور على الإطلاق قبره صلى الله عليه وسلم، ولا يشرع تقبيله واستلامه بالإجماع، بل ولا يشرع الدعاء عنده، فلا يشبه بيت المخلوق ببيت الخالق، وبيت العبد ببيت الرب.

وبالجملة، فهذا القول شنيع لا مستند له ولا دليل عليه. وتقبيل الحجر الأسود مشروع١، وكذا استلامه باليد، فإن استلمه بالمحجن ونحوه لعذر، فقد صح أن النبي صلى الله عليه وسلم أشار إلى الحجر الأسود واستلمه بمحجن كان في يده٢.

وأما قوله: إنكم تعتقدون العلو، فنعم، نعتقده ونشهد الله عليه، وكل مسلم عرف الله بأسمائه وصفاته، يعتقد أنه العلي الأعلى، الذي على العرش استوى، على الملك احتوى٣.

هذا نص القرآن، وقد قال تعالى: {وَمَنْ يَكْفُرْ بِهِ مِنَ الْأَحْزَابِ فَالنَّارُ مَوْعِدُهُ} ٤ وأول من أنكر العلو فرعون، إذ قال: {وَقَالَ فِرْعَوْنُ يَا هَامَانُ ابْنِ لِي صَرْحاً لَعَلِّي أَبْلُغُ الْأَسْبَابَ أَسْبَابَ السَّمَاوَاتِ فَأَطَّلِعَ إِلَى إِلَهِ مُوسَى وَإِنِّي لَأَظُنُّهُ كَاذِباً} ٥. كذب موسى فيما جاء به من أن الله هو العلي الأعلى، وأنه فوق عباده، مستو على عرشه. وأما الآية التي احتج بها هذا الضال، فلم يعرف معناها، ولم يدر المراد منها،


١ وقد ورد ذلك في قول عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه قبل الحجر ثم قال: " أما والله لقد علمت أنك حجر -لا تضر ولا تنفع- ولولا أني رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقبلك ما قبلتك ". صحيح مسلم بشرح النووي، ٩/٢٠.
٢ روى ذلك ابن عباس -رضي الله عنهما-: "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم طاف في حجة الوداع على بعير، يستلم الركن بالمحجن". صحيح مسلم بشرح النووي، ٩/٢٢؛ صحيح البخاري مع الفتح، ٣/٥٥٢.
٣ تقدمت هذه المسألة.
٤ سورة هود: الآية (١٧) .
٥ سورة غافر: الآيتان (٣٦، ٣٧) .

<<  <  ج: ص:  >  >>