للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هذا١ منه؛ وقد فسرت السّبحات بالعظم، لأن أصل السبحة، من التنزيه والتقديس؛ وفسّرت: بضوء الوجه المقدّس؛ وفسرت بمحاسينه، لأن من رأى الشيء الحسن، والوجه الحسن، سبَّح باريه وخالقه؛ وقيل هي باقية على أصلها، لأن التسبيح التزيه. وقيل سبحات وجهه في الحديث٢، جملة معترضة. يريد قائل هذا إسناد الفعل إلى الوجه المنزه، حكاه ابن الأثير؛ وقال: الأقرب أن المعنى، لو انكشف من أنواره التي تحجب العباد شيءٌ، لأهلك كل من وقع عليه ذلك النور، كما خرَّ موسى صعقا، وتقطَّع الجبل، لمّا تجلَّى سبحانه وتعالى٣؛ وهذا لا يبعد، إن أريد نور الذات، هذا ما ظهر لي.

وبلّغ سلامنا الشيخ عبد الملك٤، والأخ حمد وعيالكم، ولا تنسانا من صالح الدعاء في هذه الليال المباركات. والعيال بخير وينهون السلام. /وصلى الله على محمد وعلى آله وأصحابه وسلّم تسليماً كثيراً إلى يوم الدين/.٥


= الله جميع الصفات، باعتبار قيامها بالذات، فيقولون: إن الله لا يقوم به شيء من الصفات لا حياة ولا علم ولا قدرة، فعندهم أن الله لا يقوم به وصف ولا فعل، فقد فصلوا بين ذات الله وصفاته في الوجود العياني؛ حيث قالوا بإثبات ذات مجردة عن الصفات، وصفات مجردة عن الذات، فيقولون مثلاً في صفة الكلام: إن الله لا يتكلم بكلام يقوم بذاته، وإن كلامه مخلوق، خلقه كما خلق السماوات والأرض خارجاً عن ذاته. وكذلك معنى النزول والاستواء، وغير ذلك: أفعال يفعلها الرب في المخلوقات خارجاً عن ذاته.
[مجموع الفتاوى ٥/١-٤ وقد تقدم ذكر أهم معتقداتهم في ص ٢٩٩.
أما بالنسبة للأشاعرة والماتريدية: فهم فيما ينفون من الصفات، منهم من يرجع ذلك إلى كونها أفعال محضة في المخلوقات، مثل قولهم في الاستواء: إنه فعل يفعله الرب في العرش بمعنى أنه يحدث في العرش قرباً فيصير مستوياً عليه من غير أن يقوم بالله فعل اختياري.
١ أي تأويل السبحات بالنور، لا يدخل في تأويل الجهمية.
٢ هو قوله صلى الله عليه وسلم في حديث أبي موسى: "حجابه النور لو كشفه لأحرقت سبحات وجهه ما انتهى إليه بصره من خلقه" [تقدم تخريجه في ص ٣٣٤] .
٣ النهاية في غريب الحديث والأثر، لابن الأثير ٢/٣٣٢، نقله الشيخ بتصرف.
٤ لم أقف على ترجمته فيما اطلعت.
٥ ساقط في (ب) و (ج) و (د) والمطبوع.

<<  <  ج: ص:  >  >>