للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حتى الممات، لأن قوله: {وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ} ١، تحضيض وحث على التزامه في جميع أوقات العمر والساعات، ومن عاش على شيء، مات عليه.

وقد أمر باعتصام بحبله، وهو دينه وكتابه٢، أمراً عاماً لجميع المكلفين، وسائر المخاطبين، لأن التقوى والتزام الإسلام، يتوقف على ذلك، ولا يحصل المقصود منه إلى باعتصام بحبل الله، وترك التفرق والاختلاف، لما /فيهما/٣ من فساد الدين، وهدم أصوله وقواعده.

ثم ذكرهم بنعمته عليهم بتأليف قلوبهم واجتماعها بعد العداوة والبغضاء، فإن التفرق والاختلاف عذاب وهلاك وشقوة في العاجل والآجل؛ والجماعة والائتلاف

رحمة وسعادة، ونعيم في العاجل والآجل، وأخبرهم أنهم كانوا على شفا حفرة من النار، بما كانوا عليه من الضلالة والجاهلية، فامتن عليهم وأنقذهم واجتباهم وهداهم وجمع قلوبهم، وشملهم بعد الفرقة الشتات، وأعزهم وأغناهم بعد الفقر والحاجات، فيا لها من نعم، ما أجلها، ومواهب ما أعظمها وأبرها، لمن عقلها وشكرها. ولذلك ختم الآية بقوله: {كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ} ٤. فيه بيان الحكمة /المقتضية/٥ لبيان الآيات، والتذكر بالنعم، وأن المراد بها حصول الاهتداء، وترك


١ سورة آل عمران الآية (١٠٢) .
٢ فسره بذلك ابن عباس ومجاهد والسدي وغيرهم.
انظر: جامع البيان للطبري ٤/٣١، والجامع لأحكام القرآن للقرطبي ٤/١٠٢.
وقد أخرج الإمام مسلم قوله صلى الله عليه وسلم: (ألا وإني تارك فيكم ثقلين، أحدهما: كتاب الله عز وجل، هو حبل الله من اتبعه كان على الهدى، ومن تركه كان على ضلالة) . صحيح مسلم بشرح النووي ١٥/١٩٠، فضائل الصحابة، باب من فضائل علي بن أبي طالب.
٣ في (د) : فيها.
٤ سورة آل عمران الآية (١٠٣) .
٥ في (أ) : المقتظية. وهو خطأ.

<<  <  ج: ص:  >  >>