للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وحاصل قولهم إنكار القدر، وأن الأمر أنف١ فقابلهم أولئك بالقول بالجبر، وأنهم لا يخرجون عن قدره وقضائه، نظراً منهم إلى أن الأمر كائن بمشيئة الله وقدره [وأنه ما شاء كان وما لم يشأ لم يكن، وأنه تعالى خالق كل شيء وريه ومليكه، ولا يكون في مليكه شيء إلا بقدرته وخلقه ومشيئته] ٢. كما قلا تعالى: {إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ} ٣، و {مَا كَانُوا لِيُؤْمِنُوا إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ} ٤، و {وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ مَا فَعَلُوهُ} ٥، {وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ} ٦؛ ونحو ذلك من الآيات.

ولا ريب أن هذا أصل عظيم من أصول الإيمان، لا بد منه في حصول الإيمان. وبإنكاره ضلت القدرية النفاة، وخالفوا جميع الصحابة وأئمة الإسلام، لكن لابد معه من الإيمان بالإرادة الشرعية الدينية٧ التي نزلت بها الكتب السماوية، ودلت عليها النصوص النبوية.


١ أنف: بضم الهمزة والنون: أي أن كل شيء يخلقه الله، فهو مستأنف جديد، لم يكن مقدراً ولا مكتوباً.
٢ ما بين المعقوفتين، نص موافق تماماً لما في مجموع فتاوى شيخ الإسلام ٨/٤٣، ٩٩.
وهذا مذهب أهلالسنة. فلا يخرج شيء من الكائنات عن قدرته ومشيئته وخلقه. وعليه فجميع أفعال العباد مخلوقة له سبحانه وتعالى، فالعبد فاعل لفعله حقيقة، والله هو الخالق لهذا الفاعل ولفعله. وهو الذي جعله فاعلاً حقيقة.
انظر: مجوع فتاوى شيخ الإسلام ١٦/٢٣٧، ٨/٤٦٦، ٤٦٨ وخلق أفعال العباد للبخاري ص١٨، ٤٨ وفتح الباري ١٣/٥٣٧، ٥٣٨.
٣ سورة القمر الآية (٤٩) .
٤ سورة الأنعام الآية (١١١) .
٥ سورة الأنعام الآية (١١٢) .
٦ سورة الإنسان الآية (٣٠) .
٧ الإرادة الشرعية الدينية: هي المتضمنة للمحبة والرضى.
أما الإرادة الكونية القدرية: فهي المشيئةالشاملة لجميع الحوادث، وعليه قول المسلمين: ما شاء الله كان، وما لم يشأ لم يكن. شرح العقيدة الطحاوية ص٧٩.
ومما ورد في كتاب اللهمن الإرادة الشرعية:
قوله تعالى: {يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ} [البقرة: ١٨٥] .

<<  <  ج: ص:  >  >>