للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عن طائفة نحوه١.

وهؤلاء وإن وافقوه من قبلهم في معنى الآية، فهم –أعني زيد بن أسلم ووهب بن منبه- من أعظم الناس تعظيماً للأمر والنهي والوعد والوعيد٢.

وأما من قبلهم، فهم إباحية، يسقطون الأمر والنهي.

والقول الخامس: قول من يقول: إلا ليخضعوا لي، ويذلوا لي. قالوا: ومعنى العبادة في اللغة: الذل والانقياد، وكل مخلوق من الجن والإنس خاضع لقضاء الله، ومتذلل لمشيئته، لا يملك أحد لنفسه خروجاً عما خلق له٣.

وقد ذكر أبو الفرج٤ عن ابن عباس: إلا لتقروا بالعبادة طوعاً وكرهاً. قال٥: وبيان هذا قوله: {وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ} ٦، وهذه الآية توافق قول من قال: إلا ليعرفوني، كما سيأتي.

وهؤلاء الذين أقروا بأن الله خالقهم، لم يقروا بذلك كرهاً، بخلاف إسلامهم وخضوعهم له، فإنه يكون كرهاً، وأما نفس الإقرار، فهو فطري فطروا عليه، وبذلوه طوعاً٧.


١ روي نحو ذلك عن ابن المبارك، وأحمد بن حنبل في إحدى الروايتين عنه، وذلك في تفسير قول النبي صلى الله عليه وسلم: "كل مولود يولد علة الفطرة". أي: على ما كتب له من سعادة وشقاوة. انظر: فتاوى شيخ الإسلام ٨/٤٥.
*وقصد هؤلاء الرد على المكذبين بالقدر، القائلين بأنه يشاء ما لا يكون، ويكون ما لا يشاء.
انظر مجموع فتاوى شيخ الإسلام ٨/٤٥.
٢ المرجع السابق نفس الصفحة.
٣ زاد المسير لابن الجوزي ٨/٤٣، وتفسير البغوي ٧/٣٨١. مجموع فتاوى شيخ الإسلام، ٨/٤٩.
٤ هو عبد الرحمن بن علي بن الجوزي. تقدم ترجمته في ص٣٤٤.
٥ زاد المسير لابن الجوزي ٨/٤٢.
٦ سورة لقمان الآية (٢٥) .
٧ زاد المسير ٨/٤٢، ومجموع فتاوى شيخ الإسلام ٨/٤٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>