للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لقراب المياه، والدلاء، والسرج، والنعال؛ فإنها كانت تصنع في نجد (١) (٢) .

أما الدرعية -العاصمة- على وجه الخصوص، فكانت ذات شأن كبير، ومد وفير، تغص بالأموال، وتزدهر بالأعمال، وتزهو بالمباني الفاخرة، وكان بها أسواق متعددة (٣) .

وبعد سقوطها في أيدي الغزاة الأتراك والمصريين، وفي عهد خالد باشا بالتحديد، انتشرت الفوضى، وقطعت الطريق، ونهب السفر، وكثرت الغارات؛ لكل من أنس من نفسه القوة، عدا على الضعيف ينهبه، وكل من عضه الجوع هب كالمجنون، يدفعه بالسلب، فلا يتورع في قتل نفس من أجل لقمة يسد بها السغب، وأصبح الناس أوابد ضارية، يفترس القوي منها الضعيف، لا قائد يقودها إلى الخير، ولا سلطان للفضيلة عليهم، ولا رادع من دين أو من خلق (٤) .

وقد وصف ابن بشر حال نجد الاجتماعية، في فترة ما بعد سقوط الدرعية إلى قيام تركي بن عبد الله، وذكر بأن نظام الجماعة انحل، وتطايرت شرر الفتن، في تلك الأوطان وتعذرت الأسفار بين البلدان، وعاثت فيها العساكر المصرية، فقتلوا صناديد الرجال، وصادروا أهلها فأخذوا ما بأيديهم من الأموال، وقطعوا الحدائق، وهدموا القصور العاليات، وصار أهل نجد بينهم أذل من العبيد، وتفرقت علماؤهم وخيارهم ما


(١) هكذا كان الأمراء في ذلك الوقت، أما الآن -وفي ظل النهضة الحديثة- فقد تطورت الحياة تطوراً سريعاً وباهراً في جميع ربوع المملكة، لا سيما في عهد خادم الحرمين الشريفين -حفظه الله ونصر به الإسلام والمسلمين- وذلك من حيث التطور المعماري، وفي الحياة الأسرية والمنزلية، أو الاجتماعية عموماً. فمدينة الرياض وغيرها من المدن في المملكة العربية السعودية -حالياً- غيرها في البلاد الأخرى، بل قد تمتاز على كثير منها في بلدان العالم؛ وهذا –بفضل الله وحده، وتوفيقه للساهرين على هذا النمو المطرد.
(٢) انظر: جزيرة العرب في القرن العشرين، ص٤٧-٤٨.
(٣) انظر: تذكرة أهل النهى والعرفان، ١/٥٥،٩٢، الدرعية، ص٤٠٨-٤٠٩.
(٤) انظر: صقر الجزيرة، ١/٦٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>