للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فجوابها١ أن يقال: هذا السؤال/دليل/٢ على جهل السائل بالرواية والدراية، وباللسان العربي، فكلام هذا الضرب من الناس، يكفي من هداه الله في بيان جهلهم وضلالهم.

أما جهله بالدراية فمن وجوه:

أحدها: قوله: "هل يؤول الكلام أم لا؟.

والتأويل في عرف هؤلاء صرف الكلام عن ظاهره وعن المعنى الراجح إلى المعنى المرجوح٣، ومن سلك هذه الطريقة في أخبار الرسول صلى الله عليه وسلم ونصوص القرآن، فقد فتح على نفسه باب الإلحاد والزندقة، وليس في كلام الله وكلام رسوله ما ظاهره ومعناه الراجح غير مراد٤، لن الظاهر هو اللائق بحال الموصوف، وبلغة المتكلم وعرفه، لا ما يظنه الأغبياء الجهال مما لا يصح نسبته إلى الله وإلى رسوله.

وكذلك قوله: "أكثر ما تستعملونه من شرب القهوة وليس المحارم بدعة" وهذا من أدلة جهله، وعدم معرفته للأحكام الشرعية، والمقاصد النبوية، فإن الكلام في العبادات لا في العادات؛ والمباحث الدينية نوع، والعادات الطبيعية نوع آخر. فما اقتضته العادة من أكل وشرب ولبس ومركب ونحو ذلك، ليس الكلام فيه. والبدعة ما ليس لها أصل في الكتاب والسنة، ولم يرد بها دليل شرعي، ولم تكن من هديه صلى الله عليه وسلم وهدي أصحابه٥.

أما ما له أصل، كإرث ذوي الأرحام، وجمع المصحف، والزيادة في حد الشارب،


١ في المطبوع: فجوابه.
٢ في "أ": يدل.
٣ هذا هو معنى التأويل عند الجهمية. مجموع فتاوى ابن تيمية ٥/٣٥.
٤ انظر المرجع السابق ٤/١٦١، ١٦٢، ١٦٣.
٥ اقتضاء الصراط المستقيم ص ٢٧٦. مجموع فتاوى شيخ الإسلام ٢١/٣١٧-٣١٨، ٣١٩. التعريفات للجرجاني ص ٦٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>