للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يعاد المشركين، فهذا هو الأمر العظيم، والذنب الجسيم، وأي خير يبقى مع عدم عداوة المشركين، والخوف على النخل والمساكن، ليس بعذر يوجب ترك الهجرة.

قال تعالى:١ {يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ أَرْضِي وَاسِعَةٌ فَإِيَّايَ فَاعْبُدُونِ} ٢.

وأما المسألة الثالثة: وهو من كان في دار الإسلام، ولا تعلم أصل الدين، ولا قاعدته، ولأجل الجهل بها صار يعزر ويوقر أعداء الدين:

فالجواب: أن يقال: إن أحوال الناس تتفاوت تفاوتا عظيما، وتفاوتهم بحسب درجاتهم في الإيمان، إذا كان أصل الإيمان موجودا، والتفريط والترك إنما هو فيما دون ذلك من الواجبات والمستحبات، وأما إذا عدم الأصل الذي يدخل به في الإسلام، وأعرض عن هذا بالكلية، فهذا كفر إعراض، فيه قوله تعالى: {وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيراً مِنَ الْجِنِّ وَالإنْسِ} الآية٣ وقوله تعالى: {وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكاً} الآية٤ ولكن /عليك/٥ أن تعلم أن المدار على معرفة حقيقة الأصل، وحقيقة القاعدة،/وإن اختلف التعبير واللفظ، فإن كثيرا يعرف القصد والقاعدة/٦ ويعبر بغير التعبير المشهور.

وتعزيرهم وتوقيرهم كذلك، تحته أنواع أيضا، أعظمها: رفع شأنهم، ونصرتهم على أهل الإسلام ومبانيه، وتصويب ما هم عليه، فهذا وجنسه من المكفرات، ودونه مراتب من التوقير بالأمور الجزئية، كلياقة الدواة ونحوه.

وأما قوله لأبي شريح٧ فليس فيه ما يدل على تحسين الباطل والحكم به، بل


١ في "أ" و "د": زيادة لفظ: "قل" في بداية الآية هنا، وهو خطأ.
٢ سورة العنكبوت الآية "٥٦".
٣ سورة الأعراف الآية "١٧٩".
٤ سور طه الآية "١٢٤".
٥ ساقطة في "د".
٦ ساقطة في المطبوع.
٧ اختلف في اسمه، فقيل: هو خويلد بن عمرو، أو عكسه، وقيل عبد الرحمن بن عمرو، وقيل =

<<  <  ج: ص:  >  >>