للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

العلم والإيمان، واشتد نكيرهم، حتى حكموا على فاعلها بخلع ربقة الإسلام والإيمان، ولكن لما كانت الغلبة للجهال الطغام، انتقضت عرى الدين، وانثلمت أركانه، وانطمست منه الأعلام، وساعدهم على ذلك من قل حظه ونصيبه، من الرؤساء والحكام، والمنتسبين من الجهال إلى معرفة الحلال والحرام، فاتبعتهم العامة والجمهور من الأنام، ولم يشعروا ما هم عليه من المخالفة والمباينة لدين الله الذي اصطفاه لخاصته وأوليائه وصفوته الكرام. ومع عدم العلم، والإعراض عن النظر في آيات الله والفهم، لا مندوحة للعامة من تقليد الرؤساء والسادة، ولا يمكن الانتقال عن المألوف والعادة، ولهذا كرر –سبحانه وتعالى- التنبيه على هذه الحجة الداحضة، والعادة المطردة الفاضحة، قال تعالى: {وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ قَالُوا بَلْ نَتَّبِعُ مَا أَلْفَيْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا} ١ وقوله: {وَكَذَلِكَ مَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ فِي قَرْيَةٍ مِنْ نَذِيرٍ} الآية٢، قد كرر هذا المعنى في القرآن لحاجة العباد وضرورتهم إلى معرفته والحذر منه وعدم الاغترار وأهله. وما أحسن ما قال عبد الله بن المبارك رحمه الله:

وهل أفسد الدين إلا الملو ... ك وأحبار سوء ورهبانها ٣

إذا عرفت هذا، فليس إنكار هذه الحوادث من خصائص هذا الشيخ، بل له سلف صالح من أئمة العلم والهدى، قاموا بالنكير والرد على من ضل وغوى، وصرف خالص العبادة إلى من تحت أطباق الثرى. /وسنورد/٤ ذلك من كلامهم ما تقر به العين، وتثلج به الصدور، ويتلاشى معه ما أحدثه الجهال من البدع والإشراك والزور.

قال الإمام أبو بكر الطرطوشي٥ في كتابه المشهور الذي سماه/ "كتاب الحوادث


١ سورة لقمان الآية "٢١".
٢ سورة الزخرف: الآية "٢٣". في "د" سقط في الآية لفظ "من" في قوله تعالى {مٍن قَبلِكَ} وسقط في "أ" والمطبوع كلمة {فيٍ قَريَةٍ} .
٣ تقدم قول ابن المبارك هذا في ص ٤٥٧.
٤ في "د": وسنفرد. وفي المطبوع: وستسرد.
٥ تقدمت ترجمته في ص ٤٠٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>