للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أنواط، فاقطعوها ١ انتهى كلامه رحمه الله.

فانظر –رحمك الله- إلى تصريح هذا الإمام بأن كل شجرة يقصدها الناس ويعظمونها ويرجون الشفاء والعافية من قبلها، فهي ذات أنواط التي قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأصحابه –لما طلبوا منه أ، يجعل لهم شجرة كذات أنواط، فقال: الله أكبر هذا كقول بني إسرائيل اجعل لنا إلها، مع أ، هم لم يطلبوا إلا مجرد مشابهتهم في العكوف عندها، وتعليق الأسلحة للتبرك. فتبين لك بهذا أن من جعل قبرا أو شجرة أو شيئا حيا أو ميتا مقصودا له، ودعاه واستغاث به وتبرك به وعكف على قبره؛ فقد اتخذه إلها مع الله.

فإن كان رسول الله –صلوات الله وسلامه عليه- أنكر عليهم مجرد طلبهم منه مشابهة المشركين في العكوف، وتعليق الأسلحة للتبرك؛ لما ظنك بما هو أعظم من ذلك وأطم! الشرك الأكبر الذي حرمه الله ورسوله، وأخبر أن أصل الخلق لو يفعله لحبط عمله، وصار من الظالمين. فصلوات الله وسلامه عليه، كما بلغ البلاغ المبين، وعرفنا بالله، وأوضح لنا الصراط المستقيم. فحقيق بمن نصح نفسه وآمن بالله واليوم الآخر، أن لا يغتر بما عليه أهل الشرك، من عبادة القبور من هذه الأمة.

/ومن/٢ ذلك، ما ذكره الإمام محدث الشام عبد الرحمن بن إسماعيل بن إبراهيم المعروف بأبي شامة ٣، من فقهاء الشافعية، وقدمائهم في كتابه الذي سماه:


١ كتاب الحوادث والبدع للإمام أبي بكر محمد بن الوليد الطرطوشي ابن رندقة "٥٢٠هـ"، تحقيق بشير محمد عيون، مكتبة المؤيد الطائف، ومكتبة دار البيان دمشق، ط٢، ١٤١٢هـ ١٩٩١م، ص ١٨، ١٩.
٢ بياض في "أ".
٣ هو عبد الرحمن بن إسماعيل بن إبراهيم، أبو شامة المقدسي، الشافعي المقرئ، صاحب التصانيف، سمي بأبي شامة لشامة كبيرة كاانت فوق حاجبه الأيسر. له: شرح الشاطبية، ونونية السخاوي، والباعث على إنكار البدع والحوادث وغيرها. "ت٦٦٥هـ".
طبقات الشافعية الكبرى، ١٨/١٦٥. تذكرة الحفاظ ٤/١٤٦٠. الأعلام للزركلي، ٣/٢٩٩

<<  <  ج: ص:  >  >>