للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال –رحمه الله- في كتابه: زاد المعاد في هدي خير العباد١، في الكلام على غزوة الطائف٢ وما فيها من الفقه قال فيها: "إنه لا يجوز إبقاء مواضع الشرك والطواغيت، بعد القدرة على هدمها وإبطالها يوما واحدا. فإنها/من/٣ شعائر الكفر والشرك. وهي أعظم المنكرات فلا يجوز الإقرار عليها مع القدرة البتة.

وهذا حكم المشاهد التي بنيت على القبور، التي اتخذت أوثانا وطواغيت تعبد من دون الله، والأحجار التي تقصد للتعظيم وللشرك والتقبيل٤، لا يجوز إبقاء شيء منها على وجه الأرض مع القدرة على إزالته. /وكثير/٥ منها بمنزلة اللآت والعزى ومناة الثالثة الأخرى٦، أو أعظم شركا عندها وبها، والله المستعان. ولم يكن أحد من إياب هذه الطواغيت، يعتقد أنها تخلق وترزق، وتحيي وتميت؛ وإنما كانوا يفعلون عندها وبها ما يفعله إخوانهم من المشركين اليوم عند طواغيتهم، فاتبع هؤلاء سنن من كان قبلهم٧ حذو القذة بالقذة، وأخذوا مأخذهم شبرا بشبر وذراعا بذراع، وغلب الشرك على أكثر النفوس، لظهور الجهل وخفاء العلم؛ وصار المعروف منكرا والمنكر معروفا، والسنة بدعة والبدعة سنة، ونشأ في ذلك الصغير، وهرم عليه الكبير، وطمست الأعلام، واشتدت غربة الإسلام، وقل العلماء/وغلب/٨ السفهاء، وتفاهم الأمر، واشتد البأس، وظهر الفساد في البر والبحر بما كسبت أيدي الناس٩،


١ ذكر كلامه هذا في الجزء الثالث، ابتداء بصفحة ٥٠٦.
٢ وكانت غزوة الطائف في سنة "٨هـ" بعد غزوة حنين. يرجع فيها إلى مظانها: سيرة ابن هشام، ٤/١٢١؛ البداية والنهاية لابن كثير، ٤/٣٤٤، وغيرهما من كتب السير والتاريخ.
٣ زيادة "من" هنا تصرف من المؤلف؛ إذ لا وجود له في أصل النص في الزاد.
٤ في أصل النص في الزاد: "والنذر والتقبيل" وكلمة "النذر" ساقطة في جميع النسخ.
٥ في "د": وكثيرا.
٦ وهذه أسماء أصنام التي ورد ذكرها في قوله تعالى: {أَفَرَأَيْتُمُ اللاتَ وَالْعُزَّى، وَمَنَاةَ الثَّالِثَةَ الأُخْرَى} [النجم: ١٩، ٢٠] .
٧ هنا أسقط الشيخ عبد اللطيف -رحمه الله- في النقل، قوله: "وسلكوا سبيلهم".
٨ في "د" والمطبوع: وغلبت.
٩ هنا اقتبس الإمام ابن القيم –رحمه الله- من قوله تعالى: {ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ} [الروم:٤١] .

<<  <  ج: ص:  >  >>