للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وبعد ذلك أتانا النبأ الفادح الجليل، والخطب الموجع العظيم، الذي طمس أعلام الإسلام، ورفع الشرك بالله، وعبادة الأصنام، في تلك البلاد، التي كانت بالإسلام ظاهرة، ولأعداء الله قاهرة؛ وذلك بوصول عساكر الأتراك، واستيلائهم على الحسا والقطيف/يتقدمهم/١ طاغيتهم داود بن جرجيس ٢ داعيا إلى الشرك بالله وعبادة إبليس، فانقادت لهم تلك البلاد، وأنزلوا العساكر بالحصون والقلاع، ودخلوها بغير قتال ولا نزاع، فطاف بهم إخوانهم من المنافقين، وظهر الشرك برب العالمين، وشاعت مسبة التوحيد والدين، وفشا اللواط والمسكر والخبث المبين، ولم ينتطح في ذلك شاتان"٣، لما أوحاه، وزينه الشيطان، من أن القوم أنصار لعبد الله بن فيصل، فقَبِل هذه الحيلة من آثر الحياة الدنيا وزينتها، على الإيمان بالله ورسوله ٤، وكف النفس عن هلاكها وشقاوتها. وبعضهم يظن أن هذه الحيلة لها تأثير في الحكم؛ لأنهم لم يستضيئوا بنور العلم، ولم يلجأوا إلى ركن وثيق؛ بل بلغني أن بعض من يدعي طلب العلم، يحتج بقول شاذ مطرح، وهو أن لولي الأمر أن يستعين بالمشرك عند الحاجة؛


١ يقدمهم: يقدّمهم.
٢ تقدمت ترجمته في ص ٥٨.
٣ مل عربي؛ يضرب للأمر المسلَّم به، الذي لا يجري فيه خلاف ونزاع.
انظر: مجمع الأمثال، للميداني، ٢/٢٢٨؛ جمهرة الأمثال، ٢/٣١٣. وفيهما بلفظ: "لا ينتطح فيها عنزان". يقال إن أصله حديث عن النبي صلى الله عليه وسلم؛ ذكره البغدادي في تاريخ بغداد، ١٣/٩٩، عند ترجمة مسلم بن عيسى؛ وابن الأثير في النهاية، ٥/٧٤. وهو عن ابن عباس، في امرأة من بني خطمة، التي هجت النبي صلى الله عليه وسلم؛ فقال: "من لي بها" فقال رجل من قومها: "أنا لها يا رسول الله، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "أما إنه لا ينتطح فيها عنزان" قال: فأرسلها مثلا، وما قيل قبل ذلك.
والحديث ضعفه ابن الجوزي، في العلل المتناهية، ١/١٧٥؛ وقال: "قال ابن عدي: هذا مما يتهم محمد بن الحجاج بوضعه".
٤ في "ب"، و "ج"، و "د"، والمطبوع: ورسله.

<<  <  ج: ص:  >  >>