للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والأكثر قد تحققت هلاكهم ١ وأنهم في ظلمة الجهل، "لم يستضيئوا بنور العلم، ولم يلجئوا إلى ركن وثيق" ٢.

وبعض من ينتسب إلى الدين قد عرف ما هناك، ولكنه آثر العاجلة، وأخذ إلى الأرض، واتبع هواه، وأبدى من المعاذير ما لا ينجي يوم العرض على الله.

وأما يمينك على أنك تحققت من أبيك أنه لا ينكث عهده، ولو بقال لك الدنيا ومثلها معها؛ فعجب لا ينقضي، والله يغفر لك، وهل لنكث العهد حقيقة تباين ما وقع؟ "اللهم اغفر لقومي فإنهم لا يعلمون" ٣.

وقولك: {وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ} ٤، حق تؤمن به، ولا نحتج به على شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا.

وأما الخط مني له، فخطي/ إليك/٥ يكفي، ومثلك لا يخفى عليه وجوب


١ يريد بتحقيق هلاكهم هنا هلاكهم في الدنيا بالمخالفة، وليس في الآخرة إذ إن القول بتحقق الهلاك في الآخرة لا يكون إلا فيمن أخبر –الله تعالى - ورسوله عنهم؛ كفرعون وأهله في قوله تعالى: {وَحَاقَ بِآلِ فِرْعَوْنَ سُوءُ الْعَذَابِ، النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوّاً وَعَشِيّاً وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ} [غافر: ٤٥-٤٦] ؛ وأبي لهب في قوله تعالى: {تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ} [المسد:١] . وأما من لم يزل على قيد الحياة، فلا نقطع بهلاكه، بل نحن ملزمون بدعوته وإرشاده قدر الإمكان.
٢ تقدم هذا الكلام في ص ٢٠٩. وهو من كلام أمير المؤمنين علي بن أبي طالب مما رواه عنه كميل بن زياد.
٣ هذا حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه حين شُج رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكسرت رباعيته يوم أحد، قال عبد الله: كأني أنظر إلى النبي صلى الله عليه وسلم يحكي نبيا من الأنبياء ضربه قومه فأدموه، وهو يمسح الدم عن وجهه ويقول: "اللهم اغفر لقومي فإنهم لا يعلمون". صحيح البخاري مع الفتح ٦/٥٩٣، الأنبياء، باب "٥٤". صحيح مسلم بشرح النووي، ١٢/٣٩١، الجهاد، باب غزوة أحد؛ سنن ابن ماجه، ٢/٣٨٦، الفتن، باب الصبر على البلاء.
٤ سورة يوسف الآية "٢١".
٥ في "د": لك.

<<  <  ج: ص:  >  >>