للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفتن (١) ، فقد كان الشيخ عبد اللطيف وحده هو مطفيها -بعون الله تعالى له-. فوقف الشيخ -رحمه الله- في تلك الحروب مواقف خالدة ومشرفة، تشهد له بالوطنية الصادقة، والغيرة المتناهية على حرمات الإسلام والدين.

وقد تحدث الشيخ نفسه في بعض رسائله (٢) عن هذه الفتنة، ودوره في إطفائها، وهي تبرز ما عاش فيه من قلق نفسي واضطراب، وفتن وملاحم، وخوف على المسلمين وبلدانهم من الغارات والنكبات، وشغل بتسكين الأمور، وملاينة الحكام المتعاقبين على مجلس الحكم، في فترة ما بين وفاة الإمام فيصل بن تركي عام (١٢٨٢هـ) ، إلى وفاته هو عام (١٢٩٣هـ) (٣) .

فقد كان يحاول دائماً عقد الصلح بين الأبناء المتنازعين على الحكم، وجرّد نفسه للدفاع عن الأوطان والمحارم، كما كان يجتهد في أخذ الأمان لأهل الرياض، من القوات الغازية التي كانت تتبادل الهجوم على الرياض (٤) .

وكان -رحمه الله- ينظر إلى تلك الصراعات بنظرة ثاقبة، وتبصر أبعد عمقاً، وأكثر اتساعاً، فكان يرى أن الفتنة لم تكن بين أميرين فحسب، وإنما كانت الشعلة المستهدفة لحرق حصون الدعوة، وسحق الكيان المتماسك الذي أسسه آل سعود. فكان يرقب تحرك أعداء الدعوة التقليديين، والأعداء الدخلاء الجاثمين على الحدود.

وبناء على هذا، كان يرى أن أياً من ذينك الأميرين استطاع الغلبة وقيادة الأمة وحمايتها من الأعداء، والمحافظة على الدعوة السلفية، أنه يكون الأحق للأمر والبيعة (٥) ، خاصة أنه كان يلمس من كل منهما التحمس للدعوة، والحفاظ عليها على


(١) تقدم ذلك في، ص ٤٤-٥٠.
(٢) سيأتي كلام الشيخ عن هذه الفتنة وما حدث فيها، في الرسالة رقم (١٠) ، و (١١) ، و (٤٨) .
(٣) انظر: علماء نجد خلال ستة قرون، ١/٦٨.
(٤) سيذكر قيامه بذلك في رسالته (١١) .
(٥) وسيأتي زيادة تفصيل هذه المسألة في حينها في، ص٢٧٨-٢٨٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>