ومنها في المدح:
أحمد لم سد الثلم حوى الهمم ... وما احتلم جلّى الظلم
رعى الذمم حمى الحرم ... له النعم مع النقم فالخير جم
إذا ابتسم والماء دم إذا انتقم
ولما دخلت سنة تسع وثمانين ومائتين مرض المعتضد من كثرة أكل الصحناء والكوامخ والسموك «٣٩٣» المملّحة ومات في يوم الجمعة التاسع عشر من ربيع الآخر من هذه السنة، ودفن في بغداد بدار محمد بن عبد الله بن طاهر «٣٩٤» . وكان ابن خمس وأربعين سنة. وكانت خلافته تسع سنين وتسعة أشهر. وقال فيه ابن عمه عبد الله ابن المعتز يرثيه «٣٩٥» :
يا دهر ويحك ما أبقيت لي جلدا ... وأنت والد سوء تأكل الولدا
يا ساكن القبر في غبراء مظلمة ... بالطاهريّة مقصى الدار منفردا
أين الجيوش التي قد كنت تصحبها ... أين الكنوز التي أحصيتها عددا
أين السرير الّذي قد كنت تملؤه ... مهابة من رأتها عينه ارتعدا
أين الأعادي الّذي ذللت صعبهم ... أين الليوث التي صيّرتها نقدا
أين الوفود على الإيوان عاكفة ... ورد القطا صفو ماء جال واطردا
أين القصور التي شيّدتها فعلت ... ولاح فيها سنا الإبريز واتّقدا
أين الجنان التي تجرى جداولها ... وتستحثّ إليها الطائر الغردا [٦٩ ب]
أين الوصائف كالغزلان رائحة ... يسحبن من حلل موشيّة جددا
أين الملاهي وأين الراح تحسبها ... ياقوتة كسيت من فضة زبدا
أين الجياد التي حجّلتها بدم ... وكن يحملن منك الضّيغم الأسدا
أين الرماح التي غذّيتها مهجا ... مذ مت ما وردت قلبا ولا كبدا
أين السيوف وأين النبل مرسلة ... يصبن ما شئت من قرن وإن بعدا
أين المجانيق أمثال الفيول إذا ... رمين حائط حصن قائما قعدا