[قيل لمّا ورد الحسين بن حمدان إلى بغداد مع مؤنس وشهر على جمل فدوّروه جميع البلد وعلى رأسه البرنس امتنع ولده عن وضع البرنس على رأسه فقال الحسين: ألبسه يا بنى فإن أباك ألبس البرانس أكثر هؤلاء الذين تراهم. ونصبت القباب بباب الطاق وركب أبو العباس بن المقتدر وبين يديه نصر الحاجب ومعه الحربة وخلفه مؤنس وعليهم السواد. ولما صار الحسين بن حمدان بسوق يحيى قال له رجل من الهاشميين:
الحمد للَّه الّذي أمكن منك. فقال الحسين: والله لقد امتلأت صناديقى من الخلع والألوية وأفنيت أعداء الدولة وإنما أصار بى إلى ما ترى الخوف على نفسي وما الّذي نزل بى إلا دون ما سينزل بالسلطان إذا فقد من أوليائه مثلي. وبلغ به الدار ووقف بين يدي المقتدر ثم سلّم إلى بدر الحرمي [٧٥ ب] فحبسه في حجرة في الدار] [١]«٤٣٤» .
وفي سنة سبع عشرة وثلاث مائة شغب الجند على المقتدر باللَّه وكان رئيسهم نازوك وكبسوا الدار عليه وذلك لاستيلاء أمه على الدولة فهربت أمه وأولاده وهرب هو ودخل دار مؤنس المظفر خادم المعتضد وكان شيخ الدولة ومقدمها فدخلوا وراءه وألزموه الخلع فخلع نفسه وقصدوا دار الأمير أبى منصور محمد بن المعتضد باللَّه وهو أخوه فحملوه إلى دار السلطان وبايعوه بالخلافة وتسمّى ب «القاهر باللَّه» . وبعد ذلك بيومين طالب الجند بأرزاقهم وقصدوا الدار وشتموا نازوك فأغلظ عليهم في القول فقتلوه ودخلوا وأخرجوا القاهر من الدار وردّوه إلى داره ومضوا كلهم رجّالة إلى دار مؤنس وأخذوا المقتدر على رءوسهم وحملوه إلى دار السلطان وجدّدوا له البيعة. فيقال: ما رئي ولا عهد أن خليفة خلع دفعتين وعاد إلى الخلافة إلا المقتدر باللَّه. وكان من جملة من واطأ نازوك على فعله وحسّن له خلع المقتدر أبو الهيجاء بن حمدان فحين أعادوا المقتدر وكان في الدار وخاف على نفسه انهزم إلى باب الماء ليهرب فتبعوه وقطعوه «٤٣٥» . واستولى مؤنس المظفر على الدولة وخلاله الجو وصار أمير الأمراء واستشعر منه المقتدر واستشعر هو أيضا من المقتدر وخرج مغاضبا «٤٣٦»
[١] ما بين العاضدتين [] لم يرد في نسخة فاتح فلعله من الإضافات التي أشرنا إليها في ما سبق.