للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وذلك في سنة عشرين وثلاث مائة وضرب مضاربه بباب الشماسيّة وبقي أياما ينتظر أن يترضّاه المقتدر فلم يلتفت إليه فنفذ إليه بخادم اسمه بشرى برسالة فاعتقله المقتدر وحبسه ولم ير مؤنس [٧٦ أ] للصلح وجها فتمّ إلى الموصل وكتب الخليفة إلى بنى حمدان يولّيهم على مؤنس فحاربوه ونصره الله تعالى عليهم ووصل (سعيد) بن حمدان هاربا إلى بغداد مع جماعة من أهله فخلع عليه المقتدر وأكرمه.

وكان المقتدر قد استوزر الحسين «٤٣٧» بن القاسم بن عبيد الله بن سليمان فعزله واستوزر أبا الفتح الفضل «٤٣٨» بن جعفر بن الفرات فتقلّد الوزارة على أمور مضطربة وقلّة جند وعدة ونفاد الأموال. ثم إن مؤنس قصد مصر وجمع خلائق من البربر «٤٣٩» وسار بهم مع جند الشام وديار بكر الذين تبعوه بعد هرب بنى حمدان يريد الحضرة. وحين قرب من بغداد ركب المقتدر في يوم الأربعاء لثلاث خلون من شوال وحوله عساكره وألوية الملك وأعلامه بين يديه والبردة على كتفيه والقضيب في يده وحوله كل عالم وزاهد ببغداد في أيديهم المصاحف والناس يدعون له، فلما انتهى إلى باب الشماسية وقف هناك وعبّأ الجيش أحسن تعبئة ونفذهم إلى حرب مؤنس فعادوا منهزمين وأسر هارون بن غريب خال المقتدر وأحمد بن كيغلغ وصافى النصري «٤٤٠» .

وكان المقتدر واقفا على تلّ مع نفر قليل وفيهم ابنا ياقوت الحاجب وابنا رائق.

فقالوا: نحمل على ابن يلبق؟ وكان هو وأبوه من جملة من خرج مع مؤنس، فحملوا عليه فاقتطعتهم الخيل وفرّقت بينهم وبين المقتدر فبقي مع عدة من الخدم فأدركه عليّ ابن يلبق- لعنه الله- فحين رآه ترجّل وقبّل الأرض ثم أومأ بعينه إلى بربرى كان معه أسود فضرب المقتدر ضربة [٧٦ ب] أبان بها رأسه عن بدنه وحمل رأسه على ذبابة سيفه وجاء به مع عمامته إلى مؤنس، فلما رأى رأسه وعمامته لطم على وجهه وبكى وبقيت جثّته مرميّة على الأرض إلى أن اجتاز شوكى فرأى عورته مكشوفة فغطّاه بحشيش، ولا يعرف له قبر «٤٤١» وكان سنّه يوم بويع له ثلاث عشرة سنة وشهرا واحدا، ويوم قتل ثمان وثلاثين وشهرا وخمسة أيام. فكانت خلافته أربعا

<<  <   >  >>