مجللة بالديباج عبر تحتها كلها وهي طبقات وفي كل طبقة الأغاني والمساخر والناس على طبقاتهم «٤٩٥» وزيّن البلد حتى رئي في دكاكين الصيارف الدنانير موضوعة على الأكسية على هيئة الحنطة وفيها المكاييل كالقفيز والعشير والكيلجة «٤٩٦» وما [٨٣ أ] أشبه ذلك ورئي مثل ذلك في دكاكين الجوهريين وفيها من المكاييل الربع والثمن.
وحكى إنسان للمتقى أن أبواب الحمّامات زيّنت وكانت ستين ألف حمّام فما كان يخلو باب حمّام من خمسين أو أقل أو أكثر من الأسطال ولا تخلو هذه الأساطل من واحد أو اثنين ذهب أو فضة، فقيل: لو لم يكن على باب كل حمّام إلا واحد منها لكان بمدينة واحدة ستون ألف سطل ذهب وفضة فما ظنك بالأواني التي يكون استعمالهم لها أكثر من استعمالهم للأسطال «٤٩٧» .
واستوزر المتقى أبا الحسين ولد الوزير أبى عليّ بن مقلة وخرج من دار السلطان وعليه الخلع وذلك في رمضان سنة إحدى وثلاثين وثلاث مائة «٤٩٨» .
وقدّم المتقى للَّه أبا نصر، محمد بن ينال الترجمان وقوّده وأراد أن يولّيه إمارة الأمراء فخاف من ناصر الدولة. وعلم ناصر الدولة بباطن الحال فاستشعر وطلب الإذن له في أن يخرج إلى عمله. فأذن له فخرج على وجه جميل. ثم إن الخليفة حسب ما يحتاج إليه في كل شهر لخرج العسكر الذين بالحضرة سوى من هو مرابط في المراكز فكان خمس مائة ألف دينار ولم يكن في الخزائن شيء، وكان يحتاج في مئونة مطبخه كل يوم إلى خمسة آلاف درهم سوى نفقات الحواشي وسوى كسوته الخاصة وما يحتاج إليه من خلع وتشريفات وسائر أنواع التجمّل فضمن له توزون التركي «٤٩٩» أنه يقوم بذلك إن ولّاه إمارة الأمراء فولّاه ذلك وطوّقه وسوّره فقام بما كان ضمن على نفسه إلا أنه ضيّق على المتقى جدا واستشعر المتقى منه لغلبته على الأمر واستبداده [٨٣ ب] بالملك واستشعر أيضا توزون وانحدر إلى واسط بإذن المتقى لتقرير أمر البلاد السفلى ومحاربة بنى البريدي والديلم «٥٠٠» فحين بعد توزون عن بغداد نفذ المتقى