للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

إلى بنى حمدان يستدعيهم فأجابوه وانحدروا إلى بغداد وضربوا مضاربهم على باب الشماسية. وخرج الخليفة وضرب مضاربه عندهم ورحل من فوره وترك بغداد ونزل الرقّة وصيّر محمد بن ينال الترجمان أمير الأمراء وطوّقه وسوّره.

وحين وصل الخليفة إلى الرقّة وكان واليه على مصر أبو بكر محمد «٥٠١» بن طغج سمع بوصوله إلى الشام فجاء إليه ولقيه بالرقّة في العدّة الحسنة والعسكر الكثير وأهدى له من تحف مصر ولوزيره أبى الحسين بن مقلة ما ملأ عينهما. ثم أمره الخليفة بالعود إلى عمله فعاد إليه. وكان قد قال للمتقى: يا مولانا قد فسدت أمور العراق باستيلاء بنى حمدان على طرف وبنى بويه على طرف وباستشعارك من توزون، فلو جئت إلى مصر وأقمت بها وأنا كنت أكفيك كل ما تريده. فقال له «٥٠٢» المتقى: كيف أقيم في زاوية من الدنيا وأترك باقي الدنيا يخرب؟ هذا لا يمكنني. فعاد وتركه في الرقّة.

ثم إن توزون راسل المتقى للَّه يستسل ما بقي في نفسه فما التفت إلى رسالته ونسب ذلك إلى بنى حمدان. ثم إن بنى حمدان اجتمعوا عند المتقى واشتوروا على جمع العساكر وقصد توزون ولم يطب لهم أن يكون الترجمان مقدّما عليهم فدخلوا يوما على المتقى وخرجوا من الدار فلما صاروا في بعض الدهاليز غمز ناصر الدولة أخاه سيف الدولة فاخترط سيفه وضرب به رأس [٨٤ أ] الترجمان فأبانه عن بدنه. وسمع المتقى الضجة فقال: ما هذا؟ قالوا: سيف الدولة قتل الترجمان فقال كالمغضب: أمس ابن رائق واليوم الترجمان؟ «٥٠٣» ولم يطل القصة لحاجته إلى بنى حمدان. ثم إن بنى حمدان خدموه بأموالهم وأنفسهم وأنسوه الترجمان.

ووصل الخبر من العراق بأن أحد بنى البريدي وهو أبو عبد الله قتل أخاه الآخر وهو أبو يوسف وأن أمر الديلم قوى بالبلاد السفلى وأن أبا عبد الله البريدي الّذي كان يقاومهم توفى عقيب قتله لأخيه وأن الأمير أبا الحسين أحمد بن بويه قصد بغداد وبها توزون وأظهر أن الخليفة المتقى: «كاتبني وأمرنى بذلك» وأن توزون حاربه وهزمه ومرّ الديلميّ هاربا «٥٠٤» .

<<  <   >  >>