للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أكثر شعبان حتى يصله برمضان (١)، فكيف يقال: إذا انتصف شعبان فلا تصوموا؟! وهذه الأحاديث أصح وأكثر فتقدم عليه.

٢ - أن أبا هريرة جاء عنه من طريق يحيى بن أبي كثير (٢) ومحمد بن عمرو بن علقمة (٣)، كلاهما عن أبي سلمة، عن أبي هريرة، أن الرسول نهى عن تقدم رمضان بصوم يوم أو يومين. ومعنى هذا أنه لا بأس أن يصام قبل ذلك، سواء كان من نصف شعبان أو ما بعده، وهذا الحديث أصح عن أبي هريرة، وقد اتفق عليه الشيخان، فيظهر أن هذا اللفظ هو أصل حديث العلاء فأخطأ فيه فرواه بلفظ: "إذا انتصف شعبان … ".

٣ - أن النهي عن صوم ما بعد نصف شعبان عند من يقول به هو من أجل رمضان؛ إما إبقاء للقوة، أو كراهية تقدمه، وما من شك أنه كلما قرب رمضان كان النهى آكَدَ، فليس صوم بداية النصف الأخير كصوم اخره، وهذه المدة الطويلة لم نر النبي استثنى فيها من كانت له عادة، مع أنّا نقطع بوجود ذلك من كثير من الناس، ثم نجد النبي استثنى من كانت له عادة حينما قرب رمضان، فاشتد النهي، وفي مدة لا يكثر وجود العادة فيها كما في أول النصف الأخير، فقال: "لا تقدموا رمضان بصوم يوم أو يومين، إلا في صوم يصومه أحدكم".

فكيف يأتي الاستثناء عند قلة وجود العادة واشتداد النهي ولا يأتي مع كثرة وجود العادة وخفة النهي؟! فمثل هذا لا يكون ممن أوتي جوامع الكلم، فدل أن وهما وقع في هذا النهى الواسع الذي إسناده لا يقاوم إسناد النهي الضيق.


(١) أخرجه البخاري (١٩٧٠)، ومسلم (١١٥٦).
(٢) أخرجه البخاري (١٩١٤)، ومسلم (١٠٨٢).
(٣) أخرجه الترمذي (٦٩١).

<<  <  ج: ص:  >  >>