للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإنما يحسن الجزم بالإيراد عليهم حيث لا يختلف السياق، أو حيث يكون المتابع ممن يعتبر به؛ لاحتمال أن يريدوا شيئا من ذلك بإطلاقهم، والذي يرِد على الطبراني ثم الدارقطني من ذلك أقوى مما يرِد على البزار؛ لأن البزار حيث يحكم بالتفرد إنما ينفي علمه، فيقول: (لا نعلمه يروى عن فلان إلا من حديث فلان)، وأما غيره فيعبِّر بقوله: (لم يروه عن فلان إلا فلان)، وهو وإن كان يلحق بعبارة البزار على تأويل، فالظاهر من الإطلاق خلافه، والله أعلم) (١).

قال عبد الله بن أحمد: (قلت لأبي: ابن الحِمَّاني حدث عنك، عن إسحاق الأَزْرق، عن شريك، عن بيان، عن قيس، عن المغيرة بن شعبة، عن النبي : "أبردوا بالصلاة"؟

فقال: كذب، ما حدثته به.

فقلت: إنهم حكوا عنه أنه قال: سمعته منه في المذاكرة على باب إسماعيل بن عُلَيَّة.

فقال: كذب، إنما سمعته بعد ذلك من إسحاق الأَزْرق، وأنا لم أعلم تلك الأيام أن هذا الحديث غريب، حتى سألوني عنه بعد ذلك هؤلاء الشباب - أو قال: هؤلاء الأحداث -) (٢).

قلت: فالإمام أحمد لم يكن يعلم بغرابته، حتى كثر السؤال عنه، فعلم أنه غريب.

فكما ترى هؤلاء الأئمة الذين جمعوا من الحديث ما لم يجمعه من أتى بعدهم، قد تخفى عليهم غرابة بعض الأحاديث.


(١) "النكت على كتاب ابن الصلاح" (٢/ ٧٠٨).
(٢) "العلل" (٤٠٧٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>