وليس في هذا الحديث ما يدخل على من رأى القراءة خلف الإمام، لأن أبا هريرة هو الذي روى عن النبي ﷺ هذا الحديث، وروى أبو هريرة، عن النبي ﷺ أنه قال:"من صلى صلاة لم يقرأ فيها بأم القرآن، فهي خداج، هي خداج، غير تمام"، فقال له حامل الحديث: إني أكون أحيانا وراء الإمام، قال: اقرأ بها في نفسك، وروى أبو عثمان النهدي، عن أبي هريرة قال: أمرني النبي ﷺ أن أنادي أن "لا صلاة إلا بقراءة فاتحة الكتاب".
واختار أكثر أصحاب الحديث ألا يقرأ الرجل إذا جهر الإمام بالقراءة، وقالوا: يتتبع سكتات الإمام.
وقد اختلف أهل العلم في القراءة خلف الإمام.
فرأى أكثر أهل العلم من أصحاب النبي ﷺ، والتابعين، ومن بعدهم: القراءة خلف الإمام.
وبه يقول مالك، وابن المبارك، والشافعي، وأحمد، وإسحاق.
وروي عن عبدالله بن المبارك أنه قال: أنا أقرأ خلف الإمام والناس يقرءون، إلا قوما من الكوفيين، وأرى أن من لم يقرأ صلاته جائزة.
وشدد قوم من أهل العلم (١) في ترك قراءة فاتحة الكتاب، وإن كان خلف الإمام، فقالوا: لا تجزئ صلاة إلا بقراءة فاتحة الكتاب، وحده كان أو خلف الإمام.
وذهبوا إلى ما روى عبادة بن الصامت، عن النبي ﷺ.
وقرأ عبادة بن الصامت بعد النبي ﷺ خلف الإمام، وتأول قول النبي ﷺ:"لا صلاة إلا بقراءة فاتحة الكتاب".
(١) ملحوظة: هل يميل إلى خلاف ذلك، لأنه جعل هذا القول من الشدة؟ هذا محتمل، ومن المعلوم أن الإمام البخاري ممن يقول بهذا.