للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وحذاقهم، وإليهم المرجع في ذلك لما جعل الله ﷿ فيهم من معرفة ذلك، والاطلاع على غوامضه دون غيرهم ممن لم يمارس ذلك) (١).

وقال أيضًا في نوع المعلّل: (وهو من أغمض أنواع علوم الحديث وأدقها، لا يقوم به إلا من رزقه الله تعالى فهما ثاقبا، وحفظا واسعا، ومعرفة تامة بمراتب الرواة، وملكة قوية بالأسانيد والمتون؛ ولهذا لم يتكلم فيه إلا القليل من أهل هذا الشأن: كعلي بن المديني، وأحمد بن حنبل، والبخاري، ويعقوب بن شيبة، وأبي حاتم، وأبي زرعة، والدارقطني. وقد تقصر عبارة المعلل عن إقامة الحجة على دعواه، كالصيرفي في نقد الدينار والدرهم) (٢).

* * *

وقد اهتم أبو عيسى اهتمامًا كبيراً في كتابه "الجامع" ببيان علل الأخبار وشرحها، ونقله لكلام البخاري وغيره في التعليق على ذلك، لذا قال ابن طاهر الحافظ: (سمعت أبا إسماعيل عبدالله بن محمد الأنصاري يقول: كتاب أبي عيسى الترمذي عندي أفيد من كتاب البخاري ومسلم، قلت: لم؟ قال: لأن كتاب البخاري ومسلم لا يصل إلى الفائدة منهما إلا من يكون من أهل المعرفة التامة، وهذا كتاب قد شرح أحاديثه وبينها، فيصل إلى فائدته كل أحد من الناس من الفقهاء والمحدثين وغيرهم) (٣).

ولهذا كانت تسمية كتابه بـ "الجامع المختصر من السنن عن رسول الله ومعرفة الصحيح والمعلول وما عليه العمل" اسمٌ منطبقٌ على مسماه.

فقد بيَّن كثيرًا من علل الأحاديث، أو فيما يتعلق بالغرابة، أو


(١) "النكت على كتاب ابن الصلاح" (ص: ٥١٨).
(٢) "نزهة النظر" (ص: ٩٠).
(٣) "التقييد" لابن نقطة (١/ ٩٤)، "فضائل كتاب الجامع" للإسعردي (ص: ٣٣)، "شروط الستة" لابن طاهر (ص: ١٠١).

<<  <  ج: ص:  >  >>