للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الناس عنه فيقعوا في أشدَّ منه. اه. قال الحافظ في الفتح (١): ويستفاد منه ترك المصلحة لأمن الوقوع في المفسدة، ومنه ترك إنكار المنكر خشية الوقوع في أنكر منه. اه.

وقال شيخ الإسلام في مَعْرِضِ ذكر بعض المستحبات (٢): ويسْتَحَبُّ للرجل أن يَقصِدَ إلى تأليف القلوب بتركِ هذه المستحبات، لأن مصلحة التأليفِ في الدينِ أعظمُ من مصلحة فعل مثل هذا.

كما ترك النبي تَغْيِيرَ بناءِ البيت لِمَا في إبقائهِ من تأليفِ القلوب، وكما أنكر ابنُ مسعودٍ على عثمانَ إتمامَ الصلاة في السَّفر، ثم صَلّى خَلْفَهُ مُتمًّا، وقال: الخلافُ شَرٌّ.

وقال في موضعٍ آخر (٣): (فالعمل الواحد يكون فعله مستحبًّا تارة، وتركه تارة، باعتبار ما يترجح من مصلحة فعله وتركه، بحسب الأدلة الشرعية.

والمسلم قد يترك المستحب إذا كان في فعله فسادٌ راجحٌ على مصلحته، كما تركَ النبي بناء البيت على قواعد إبراهيم وقال لعائشة: «لولا أن قومك حديثو عهد بالجاهلية لنقضتُ الكعبة ولألصقتُها بالأرض ولجعلت لها بابين بابًا يدخل الناس منه وبابًا يخرجون منه»، والحديث في الصحيحين (٤)، فتركَ النبي هذا الأمر الذي كان عنده أفضل


(١) ينظر: فتح الباري، ابن حجر (١/ ٢٢٥).
(٢) ينظر: مجموع الفتاوى (٢٢/ ٤٠٧).
(٣) ينظر: المصدر السابق (٢٤/ ١٩٥).
(٤) سبق تخريجه.

<<  <   >  >>