الأمرين للمعارض الراجح، وهو: حِدْثَانُ عهدِ قريش بالإسلام، لما في ذلك من التنفير لهم، فكانت المفسدة راجحة على المصلحة.
ولذلك استحب الأئمةُ: أحمد وغيرُه: أن يدع الإمام ما هو عنده أفضل إذا كان فيه تأليف المأمومين، مثل أن يكون عنده فصل الوتر أفضل بأن يُسَلِّم في الشفعِ ثم يصلي ركعةَ الوترِ، وهو يؤمُّ قومًا لا يرون إلا وَصْلَ الوتر، فإذا لم يمكنْهُ أن يتقدَّمَ إلى الأفضل كانت المصلحة الحاصلة بموافقتِهِ لهم بوصلِ الوترِ أرجح من مصلحة فَصْلِهِ مع كراهتهم للصلاة خَلْفَهُ.
وكذلك لو كان ممن يرى المخافتَةَ بالبَسْمَلَةِ أفضلَ أو الجهرَ بها، وكان المأمومون على خلاف رأيه، ففعل المفضولَ عنده لمصلحةِ الموافقةِ والتأليف التي هي راجحةٌ على مصلحة تلك الفضيلة كان جائزًا حسنًا).
ومن تطبيقات هذه القاعدة (١):
١ - لا يجوز للمالك أن يتصرف بملكه بما يضرُّ الغير كاتخاذ معصرة أو فرن يؤذيان الجيران.
٢ - يمنع الشخص من الاتجار بالمحرمات من خمر ومخدرات ولو أدت إلى ربح لأن المفسدة أكبر.
٣ - يمنع الاحتكار والتعدي في الأسعار، ولوكان فيها مصلحة لصاحبها، لحصول المضرة على الآخرين.
٤ - يشرع التخلف عن الجماعة والجمعة بسبب المرض والخوف وتمريض الضائع ونحو ذلك.
(١) ينظر: القواعد الفقهية وتطبيقاتها في المذاهب، الزحيلي (١/ ٢٣٩).