للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وبالجملة: فليست المُصَافةُ أوْجب من غيرها، فإذا سقط ما هو أوجب منها للعذر فهي أولى بالسقوط، ومن قواعد الشرع الكلية أنه: (لا واجبَ مع عجزٍ، ولا حرامَ مع ضرورة).

وهذه القاعدة تشبه في شقِّها الثاني قاعدة الضرورات تبيح المحظورات.

ومن ثم أبيحت الميتة عند المخمصة، وإساغة اللقمة بالخمر لمن غصَّ، ولم يجد غيرها، وأبيحت كلمة الكفر للمكره، وكذلك إتلاف المال، وكذلك أخذ مال الممتنع من الدَّيْنِ بغير إذنه، إذا كان من جنسه ولو كان بكسرِ بابه.

ولو صال الصيد على محرم فقتله دفعًا فلا ضمان؛ لأنه بالصيال التحق بالمؤذيات.

وإذا عم الحرام قطرًا بحيث لا يوجد فيه حلال إلا نادرًا، فإنه يجوز استعمال ما يحتاج إليه، ولا يقتصر على الضرورة، قال الإمام (١): (ولا يتبسط فيه كما يتبسط في الحلال، بل يقتصر على قدر الحاجة دون أكل الطيبات ونحوها مما هو كالتتمات).

ولكن ينبغي أن تضبط هذه القواعد بقاعدة: الضرورةُ تقدر بقدرها، كما قال الشيخ السعدي في منظومته (٢):

(وكل محظورٍ مع الضرورةْ … بقَدْرِ ما تحتاجه الضرورةْ

وهي قاعدة تعتبر قيدًا للقاعدة السابقة المذكورة في قول الناظم: (ولا محرم مع اضطرار).


(١) ينظر: المنثور في القواعد الفقهية، الزركشي (٢/ ٣١٧).
(٢) ينظر: مجموعة الفوائد البهية، القحطاني (ص ٦١).

<<  <   >  >>