تستقر الأحكام، ومن ثم اتفق العلماء على أنه لا ينقض حكم الحاكم في المسائل المجتهد فيها، وإن قلنا: المصيب واحد لأنه غير متعين.
ولو حكم القاضي باجتهاده ثم تغير باجتهاد آخر لا ينقض الأول، وإن كان الثاني أقوى منه.
غير أنه إذا تجدد له لا يعمل إلا بالثاني، بخلاف ما لو بان له الخطأ باليقين قاله ينقض.
ولو تقدم خصمان إلى القاضي فقالا: كان بيننا خصومة في كذا، وتحاكمنا فيها إلى القاضي فلان فحكم بيننا بكذا، لكِنَّا نريد أن نستأنف الحكم فيها عندك. فقيل: يجيبهما. والأصح المنع، بل يُمضي حكم الأول.
ولو اشتبهت القبلة فاجتهد رجل، ثم تغير اجتهاده عمل بالثاني ولا قضاء، حتى لو صلى أربع ركعات لأربع جهات بالاجتهاد فلا قضاء.
ولو اجتهد فظن طهارة أحد الإناءين فاستعمله وترك الآخر، ثم تغير ظنه لم يعمل بالثاني بل يتيمم بلا إعادة في الأصح، وقال ابن سريج: يتوضأ بالثاني ولا يتيمم، لأنها قضية مستأنفة، فلا يؤثر فيها الاجتهاد الماضي (١).
واعلم أنه لا يؤخذ من هذا أن ابن سريج يقول: إن الاجتهاد ينقض بالاجتهاد، وإنما الأصحاب ألزموه ذلك، وهو يدفعه فإن هذا حكم جديد، وإنما ينقض الاجتهاد لو ألزمناه بإعادة الصلاة الأولى وهو لا يقول به.
ولو شهد الفاسق فردت شهادته فتاب وأعادها لم تقبل، لأن قبول شهادته بعد التوبة يتضمن نقض الاجتهاد بالاجتهاد كذا علله في التتمة.
(١) لعل هذا هو الأصح، ولا يعيد الصلوات التي صلاها بالاجتهاد الأول لأن الاجتهاد لا ينقض بالاجتهاد.