للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ولو ألحقه القائف (١) بأحد المتداعيين، ثم رجع وألحقه بالآخر لم يقبل، وكذا لو ألحقه القائف بأحدهما، فجاء قائف آخر فألحقه لم يلحق به، لأن الاجتهاد لا ينقض بالاجتهاد. وقيل: يتعارضان ويصير كأن لا قائف.

تنبيهات:

التنبيه الأول: اعلم أن هذه العبارة اشتهرت في كلامهم وتحقيقها: أن النقض الممتنع إنما هو في الأحكام الماضية، وإنما تغير الحكم في المستقبل لانتفاء الترجيح الآن، وهذا كالمجتهد في القبلة وغيرها إذا غلب على ظنه دليل فأخذ به، ثم عارضه دليل آخر بعد ذلك، فإنه يعمل بالثاني في المستقبل ولا ينقض ما مضى.

وقال الإمام في باب إحياء الموات مقتضى هذا أن القاضي إذا أمضى حكمه وقضاءه في واقعة، وكان لقضائه مستند من مذهب العلماء ومتعلق بالحجة، فإذا أراد قاض بعده أن ينقض قضاءه لم يجد إليه سبيلًا.

التنبيه الثاني: المراد لا ينقض باجتهاد مثله، فإنه ليس بأولى من الآخر، وينقض باجتهاد أجلى وأوضح منه، ومن طريق أولى أن يتيقن الخطأ كما في القبلة والأواني).

(التنبيه الثالث (٢): ينقض قضاء القاضي إذا خالف نصًّا أو إجماعًا أو قياسًا جليًّا. قال القرافي: أو خالف القواعد الكلية. وقال الحَنَفِيَّةُ: أو كان حكمًا لا دليل عليه.


(١) القيافة: هي لغة تَتَبُّعُ الأثر للتعرف على صاحبه، والقائف: هو الذي يتتبع الآثار ليعرف شبه الشخص بأبيه أو أخيه. وفي الاصطلاح الفقهي، القائف: هو الذي يعرف النسب بفراسته.
(٢) ينظر: الأشباه والنظائر، السيوطي (ص ١٠٥).

<<  <   >  >>