للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

سدًّا لذريعة الفعل، وأبيح منه ما تدعو إليه الحاجة والمصلحة الراجحة، وكما حرم التنفل بالصلاة في أوقات النهي سدًّا لذريعة المشابهة الصورية بعبَّاد الشمس، وأبيحت للمصلحة الراجحة، وكما حُرِّم ربا الفضل سدًّا لذريعة ربا النسيئة، وأبيح منه ما تدعو إليه الحاجة من العرايا).

وقال أيضًا (١): (إن تحريم ربا الفضل إنما كان سدًّا للذريعة كما تقدَّم بيانه، وما حُرِّم سدًّا للذريعة أبيح للمصلحة الراجحة، كما أُبيحت العَرَايا (٢) من ربا الفَضْل، وكما أُبيحت ذوات الأسباب من الصلاة بعد الفجر والعصر، وكما أُبيح النَّظرُ للخاطبِ والشاهدِ والطبيب والمعاملِ من جملة النَّظر المحرم.

وكذلك تحريم الذهب والحرير على الرجالَ حُرِّم لسدِّ ذريعة التشبه بالنساء الملعون فاعله، وأبيح منه ما تدعو إليه الحاجة. وكذلك ينبغي أن يُباح بيع الحلية المصوغةِ صياغةً مباحةً بأكثر من وزنها؛ لأن الحاجة تدعو إلى ذلك، وتحريم التفاضل إنما كان سدًّا للذريعة؛ فهذا محض القياس ومقتضى أصول الشرع، ولا تتم مصلحة الناس إلا به أو بالحيل، والحيل باطلة في الشرع، وغاية ما في ذلك جعل الزيادة في مقابلة الصياغة المباحة المتقوَّمة بالأثمان).

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية أثناء حديثه عن أوقات النهي عن الصلاة تطوعًا (٣): (أن النهي إنما كان لسدِّ الذريعة وما كان لسدَّ الذريعة فإنه يفعل للمصلحة الراجحة، وذلك أن الصلاة في نفسها من أفضل الأعمال وأعظم


(١) ينظر: إعلام الموقعين، ابن القيم (٣/ ٤٠٨).
(٢) العرايا: هو بيع الرطب على النخل بالتمر على الأرض خرصًا، فيخرص ما على النخل من الرطب، وما يجيء منه من التمر إذا جف، ثم يبيع ذلك بمثله تمرًا، ويسلمه إليه قبل التفرق، وقد أجيز ذلك للحاجة.
(٣) ينظر: مجموع الفتاوى (٢٣/ ١٨٦).

<<  <   >  >>