للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

العبادات، كما قال النبي : «استقيموا ولن تحصوا، واعلموا أن خير أعمالكم الصلاة» (١)، فليس فيها نفسها مفسدة تقتضي النهي، ولكن وقت الطلوع والغروب الشيطان يقارن الشمس، وحينئذ يسجد لها الكفار، فالمصلي حينئذ يتشبه بهم في جنس الصلاة.

فالسُّجود وإن لم يكونوا يعبدون معبودهم ولا يقصدون مقصودهم، لكن يشبههم في الصورة، فنهى عن الصلاة في هذين الوقتين سدًّا للذريعة حتى ينقطع التشبه بالكفار، ولا يتشبه بهم المسلم في شركهم. كما نهى عن الخلوة بالأجنبية والسفر معها والنظر إليها؛ لما يفضي إليه من الفساد، ونهاها أن تسافر إلا مع زوج أو ذي محرم. وكما نهى عن سب آلهة المشركين؛ لئلا يسبوا الله بغير علم.

وكما نهى عن أكل الخبائث، لما يفضي إليه من حيث التغذية الذي يقتضي الأعمال المنهي عنها وأمثال ذلك.

ثم إن ما نهي عنه لسد الذريعة يباح للمصلحة الراجحة، كما يباح النظر إلى المخطوبة والسفر بها إذا خيف ضياعُها، كسفرها من دار الحرب، مثل سفر أم كلثوم (٢)، وكسفر عائشة لما تخلفت مع صفوان بن المعطل، فإنه لم ينه عنه إلا لأنه يفضي إلى المفسدة، فإذا كان مقتضيًا للمصلحة الراجحة لم يكن مفضيًا إلى المفسدة).


(١) أخرجه ابن ماجه برقم (٢٧٧)، وأحمد في المسند برقم (٢٢٣٧٨) عن ثوبان ، وصححه الألباني في الإرواء برقم (٤١٢).
(٢) أم كلثوم بنت عقبة بن أبي معيط ، وكانت ممن هاجر إلى رسول الله ، وهي عاتق، فجاء أهلها يسألون النبي أن يرجعها إليهم، فلم يرجعها إليهم، لما أنزل الله فيهن: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا جَاءَكُمُ الْمُؤْمِنَاتُ مُهَاجِرَاتٍ فَامْتَحِنُوهُنَّ اللَّهُ أَعْلَمُ بِإِيمَانِهِنَّ﴾ [الممتحنة: ١٠]، إلى قوله: ﴿وَلَا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ﴾. أخرجه البخاري برقم (٢٧١٢).

<<  <   >  >>