صاحب العلو على البناء مع صاحب السفل في السفل، والفرق واضح؛ لأن السفل ملكه مختصٌّ بصاحبه، بخلاف الحائط المشترك، ولذلك عقد الخلال لكل واحد منهما بابًا، وذكر النصَّ بالإِجبار في الحائط، والنصَّ بانتفائه في الصورة الأخرى.
ومنها: إذا انهدم السقف الذي بين سُفل أحدهما وعلوِّ الآخر؛ فذكر الأصحاب في الإِجبار الروايتين، والمنصوص ها هنا أنه إن انكسر خشبه؛ فبناؤه بينهما، لأن المنفعة لهما جميعًا، وظاهره الإِجبار (١).
وإن انهدم السقف والحيطان؛ لم يجبر صاحب العلو على بناء الحيطان؛ لأنها خاصُّ ملك صاحب السفل، ولكنه يجبر على أن يبني معه السقف، فإن لم يفعل؛ أشهد عليه ومنعه من الانتفاع به حتى يعطيه حقه، ويجبر صاحب السفل على بنائه؛ لأنه سترة له. نقل ذلك عنه أبو طالب.
ونقل عنه ابن الحكم: أن صاحب السفل لا يجبر على البناء لأجل صاحب العلو، لكن صاحب العلو له أن يبني الحيطان ويسقف عليها، ويمنع صاحب السفل من الانتفاع به حتى يعطيه حقَّ ما بني به السفل، ويكون لهما جميعًا. وهذا يحتمل أنه أراد أن يعطيه ما بنى به الحيطان كله؛ فيصير البيت لهما؛ كما كان لأحدهما سفله وللآخر علوه، وهو ظاهر كلامه.
ويحتمل أنه يعطيَه نصفَ قيمة بناء السفل، وتكون الحيطان مشتركةً بينهما.
(١) قال البهوتي ﵀ في كشاف القناع عن متن الإقناع (٣/ ٤١٤): (ويجبر الشريك على العمارة مع شريكه في الأملاك والأوقاف المشتركة، لقوله ﷺ: «لا ضرر ولا ضرار»، وكنقضه عند خوف سقوطه، وكالقسمة والبناء وإن كان لا حرمة له في نفسه لكن حرمة الشريك الذي يتضرر بترك البناء توجب ذلك، فإن انهدم حائطهما المشترك أو انهدم سقفهما المشترك فطالب أحدهما صاحبه ببنائه معه أجبر الممتنع منهما لما تقدم، فإن امتنع أخذ الحاكم من ماله النفقة وأنفق عليه مع شريكه بالمحاصة).