للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وتكلموا في إيثار عائشة لعمر بن الخطاب بدفنه عند رسول الله في حجرتها.

وأجابوا عنه بأن الميت ينقطع عمله بموته (١)، فلا يتصور في حقه الإيثار بالقرب بعد الموت، إذ لا تقرب في حق الميت، وإنما هذا إيثار بمسكن شريف فاضل لمن هو أولى به منها. فالإيثار به قربة إلى الله ﷿ للمؤثر).

وأما الشيخ ابن عثيمين فقد أجاز بعض صور الإهداء للمصلحة، وذلك في القُرب المستحبة لا الواجبة، فقال (٢): (وتأتي هنا مسألة الإيثار بالقُرب هل هو جائز أو مكروه أو محرم؟

سبق لنا الكلام عليه وبينا أن الإيثار ينقسم إلى أقسام:

القسم الأول: ما يحرم فيه الإيثار، وهو الإيثار بالواجب.

والثاني: ما يكره فيه الإيثار إلا لمصلحة تربو على الكراهة.

والثالث: ما يباح فيه الإيثار، وهو ما سوى العبادات من الأمور العادية.

فالذي يحرم فيه الإيثار كأن يكون معي ماء يكفيني للوضوء، فلو آثرت به غيري وتوضأ به، بقيت بلا ماء، فهنا يحْرُم الإيثار؛ لأنني قادر على استعمال الماء وهو في ملكي، فلا يجوز لي أن أوثر به غيري.

أما إذا كانت القربة مستحبة مثل الصف الأول، فهناك مكان رجل واحد في الصف وسبقت إليه أنا وواحد معي فهل أوثره؟


(١) لحديث أبي هريرة ، أن رسول الله ، قال: «إذا مات الإنسان انقطع عنه عمله إلا من ثلاثة: إلا من صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له»، أخرجه مسلم برقم (١٦٣١).
(٢) ينظر: فتح ذي الجلال والإكرام (٣/ ٣٥٥).

<<  <   >  >>