للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ومعنى هذه القاعدة:

أن الحاجة العامة التي تتعلق بأغلب الناس، وكذلك التي تختص بفئة تنزل منزلة الضرورة فتعطى حكمها من حيث إباحة المحظور، وإن كانت الحاجة في مرتبة دون مرتبة الضرورة وهي أقل باعثًا على مخالفة قواعد الشرع العامة.

وعنى هذا الأصل أن هذا الحكم -أعني اللجوء إلى ارتكاب المحرّم أو مخالفة قواعد الشرع العامة- إنما هو من شأن الضرورات محافظة على المصالح الضرورية، لكننا وجدنا من أدلة الشرع ما يدل على أن الحاجة قد تعطى حكم الضرورة تيسيرًا على العباد وتسهيلًا لشؤون معاشهم، وقد تقدم بيان معنى كل من الضرورة والحاجة وبيان الفرق بين حقيقتيهما.

وقد فرق بعضهم بينهما من جهة أن حكم الضرورة مؤقت بزمان تلك الضرورة، وحكم الحاجة مستمر.

ومع هذا فقد تطلق الضرورة ويراد بها الحاجة.

على أن حكم هذه القاعدة ليس على إطلاقه، فقد اشترط العلماء في الحاجة المبيحة للمحظور شروطًا أهمها ما يلي:

١ - أن تكون الشدة الباعثة على مخالفة الحكم الشرعي الأصلي بالغة درجة الحرج غير المعتاد.

٢ - أن يكون الضابط في تقدير تلك الحاجة النظر إلى أواسط الناس ومجموعهم بالنسبة إلى الحاجة العامة، وإلى أواسط الفئة المعينة التي تتعلق بها الحاجة إذا كانت خاصة.

٣ - أن تكون الحاجة متعينة؛ بألا يوجد سبيل آخر للتوصل إلى الغرض سوى مخالفة الحكم العام.

<<  <   >  >>