للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والأصل في هذه القاعدة: أن الله تعالى لما حرَّم على اليهود الصيد يوم السبت، وضعوا الشباك وأخذوا الصيد يوم الأحد، فسمَّى الله هذا العمل اعتداءً وجازاهم بنقيض قصدهم، بأن عاقبهم، قال تعالى: ﴿وَاسْأَلْهُمْ عَنِ الْقَرْيَةِ الَّتِي كَانَتْ حَاضِرَةَ الْبَحْرِ إِذْ يَعْدُونَ فِي السَّبْتِ إِذْ تَأْتِيهِمْ حِيتَانُهُمْ يَوْمَ سَبْتِهِمْ شُرَّعًا وَيَوْمَ لَا يَسْبِتُونَ لَا تَأْتِيهِمْ كَذَلِكَ نَبْلُوهُمْ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ﴾ [الأعراف: ١٦٣].

وقال النبي : «قاتل الله اليهود، إن الله لما حرّم عليهم شحومُ الميتة جمَلوه، ثم باعوه، ثم أكلوا ثمنَه» (١)، «ولعن رسولُ الله المحلِّل والمحلَّل له» (٢)، وسماه: بالتيس المستعار (٣)، وما ذاك إلا أنه نوى بقصد النكاح التحليل، فاحتال على تحليل الحرام) (٤).

وذلك أنّ الرجل إذا طلّق امرأته الطلقة الثالثة وبانت منه بينونة كبرى، لا تَحِلُّ له إلّا بأنْ ينكحها رجل ويطأها، ثمّ يطلقها فتَحِلَّ للأول حينئذٍ، فبعض الناس يحتال فيأتي برجل ويتفق معه على أنْ يتزوج هذه المرأة ويطأها، ثم يطلق لأجل أنْ يحللها للأول.

فهذا المُحَلِّل والمُحَلَّل له كل منهما قد استعجل شيئًا قبل أوانه فعُوقبوا بالحرمان مِنْ ذلك؛ فلا تحلّ المرأة بهذا العمل، وأيضًا استحقوا -والعياذ بالله- اللعن وهو الطرد والإبعاد عن رحمة الله، فهذا كله مما يدلّ لهذه القاعدة.

وقرَّر أهل العلم تحريم الحيل وعدُّوها تجرؤًا على الله، وإبطالًا لأحكام


(١) أخرجه البخاري برقم (٢٢٣٦)، ومسلم برقم (١٥٨١)، عن جابر .
(٢) أخرجه أبو داود برقم (٢٠٢٦)، وابن ماجه برقم (١٩٣٥)، عن علي .
(٣) أخرجه ابن ماجه برقم (١٩٣٦)، عن عقبة بن عامر ، وحسنه الألباني.
(٤) ينظر: القواعد الفقهية وتطبيقاتها في المذاهب، الزحيلي (١/ ٤١٤).

<<  <   >  >>