للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

القرآن والسنة، فالمحتال بالباطل يعامل بنقيض قصده شرعًا وقدرًا، وأن من احتال على الشرع فأبطل الحقوق، وأحل الحرام، وحرم الحلال، فإنه يعامل بنقيض نيته وقصده جزاءً وفاقًا (١).

ويدلُّ لهذه القاعدة قولُه : «لا يَرِثُ القاتلُ شيئًا» (٢)، رواه أبو داود، فالقاتل لا يرث مِنْ مُوَرِّثه شيئًا، يعني: لا يرث مِنْ المقتول شيئًا، فلو قتل الأخُ أخاه -وكان هذا الأخ وارثًا في الأصل-، لكنه لمّا قتله لأجل أنْ يستعجل الميراث منه؛ فإنه يُحْرَم مِنْ ذلك معاقبة له بنقيض قصده -لأنّ استعجل الشيء قبل أوانه- فيعاقب بحرمانه.

ومما يدلُّ لها أيضًا ما جاء في الأثر عن عثمان رضي الله تعالى عنه أنّه ورَّث تُماضِرَ بنت الأصبغ الكلبيةَ مِنْ زوجها عبد الرحمن بن عوف (٣) -وكان عبد الرحمن قد طَلّقها في مرضه فبتَّها-، يعني: طلقها طلاقًا بائنًا، هذا القضاء مِنْ عثمان كان بمحضر مِنْ الصحابة فكان إجماعًا، والدلالة منه واضحة أنّ عثمان وَرَّثَ هذه المطلقة مِنْ زوجها، مع أنّ الأصل أنّ الرجل إذا طلق امرأته طلاقًا بائنًا ثم مات لا ترث منه، لكنه في مثل هذه الحالة يحتمل أنْ يكون أراد حرمانَها مِنْ الميراث؛ فيُعاقب بنقيض قصده، وهذا لا يَرِدُ على عبد الرحمن بن عوف ؛ فإنه يحتمل أنه لم يعلم بحكم المسألة أو بأيّ عذر آخر، لكن المقصود هنا أنّ عثمان ورّث هذه المرأة مع كونها مطلقة طلاقًا بائنًا، فهذا يفيد للاستدلال بالمسألة.


(١) ينظر: القواعد الفقهية وتطبيقاتها في المذاهب، الزحيلي (١/ ٤١٤).
(٢) أخرجه أبو داود برقم (٤٥٦٤).
(٣) أخرجه الدارقطني برقم (٤٠٥١).

<<  <   >  >>