للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وهذه القاعدة لها عدة فروع تقدم شيءٌ منها، ومن أوضح ما يدخل فيها مسألة حرمان القاتل مِنْ الميراث، لو قَتَلَ الولدُ أباه -عياذًا بالله- فإنه يُحرم مِنْ ميراثه، ولا يخفى أنّ القتل ينقسم إلى ثلاثة أقسام: قتل عمدٍ عدوان، وقتل شِبْه الخطأ، وقتل الخطأ.

أمّا القتل العمد العدوان وكذا شبه الخطأ: فهذا يُحْرَمُ صاحبه مِنْ الميراث بالاتفاق، إذا قتله عمدًا عدوانًا، أو قتله شبه خطأ، أو شبه عمد -كلاهما بمعنى واحد-؛ فإنه يُحْرَمُ مِنْ الميراث بالاتفاق.

وأمّا في قتل الخطأ: فهذا محل خلاف بين الفقها:

فالجمهور على أنه أيضًا يكون مانعًا للميراث -وإنْ كان خطأً- احترازًا للنفوس وَسدًّا للذرائع التي قد توصل إلى إزهاقها.

القول الثاني: وهو قول المالكية أنه يرث مِنْ المال دون الدِّية، لأنه سيُلزم بالدِّيَة أنْ يدفعها للورثة، ولا يرث مِنْ الدِّيَة، ولكنْ يرث مِنْ غير الدِّيَة مِنْ المال.

والمسألة محل خلاف بين العلماء، ومتى ما ابتلي فيها مَنْ يفتي أو مَنْ يقضي بين الناس فلينظر في القرائن، فبعض القرائن قد تدلُّ على أحد القولين؛ فإذا ظهر له أنّ هذا الولد لا توجد أي قرينة تدلُّ على استعجاله للميراث فإنه يُورَّث، كما لو أَخَذَ الولدُ أباه وسافر به لأداء العمرة، هذا مُحْسِنٌ لوالده، ثم حصل الحادث بالسيارة، هل يمكن أنْ يَرِدَ واردٌ أنّ هذا الولد قد أراد أنْ يقتل والدَه لأجل أنْ يرث منه؟ هذا بعيد جدًّا، لأنه معه بالسيارة فالخطر على الجميع.

والمقصود أنّ الأحوال تختلف، والقرائن تختلف؛ فيجتهد في هذا القاضي أو المفتي.

<<  <   >  >>