للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

مِنْ الأمثلة أيضًا: قتْلُ الموصَى له للموصِي، فلو أنّ شخصًا أوصى لآخر بمئة ألف ريال، قال: إذا مُتّ تعطون فلانًا مئة ألف، لمّا عَلِمَ ذلك الرجل أخذ ينتظر ويتحرى متى يموت هذا الموصِي، فاستعجل وقتله لأجل أنْ يحصل على هذه الوصية، فيقال: يُعامل بنقيض قصده فيُحرم مِنْ الوصية.

أيضًا مَنْ سافر في نهار رمضان لأجل أنْ يُفطر فإنه يُعامل بنقيض قصْدِه ولا يحلّ له الفطر.

أيضًا الغالّ مِنْ الغنيمة، يعني: أنْ يأخذ مِنْ الغنيمة قبل القسمة -وإنْ كان مجاهدًا! الأصل أنْ يستحق- لكنه أَخَذَ منها قبل القسمة؛ فهذا يُعامل بنقيض قصده لأنه استعجل الشيء قبل أوانه فيُحرم مِنْ الغنيمة.

هذا كله في أحكام الدنيا، وأيضًا هذه القاعدة أيضًا تدخل في أحكام الآخرة، فمِن ذلك قول النَّبِيِّ : «مَنْ لبس الحرير في الدنيا لم يلبسه في الآخرة» (١) متفق عليه، فهذا استعجل الشيء قبل أوانه -أعني بذلك الرجل يَحْرُمُ عليه الحرير مِنْ غير حاجة-؛ فإذا استعجل ذلك قبل الأوان وهو دخول الجنة والتمتع بهذه النعمة؛ فإنه يُعاقب بالحرمان مِنْ ذلك يوم القيامة.

أيضًا حديث: «مَنْ شرب الخمر في الدنيا، ثم لم يتُب منها؛ حُرِمها في الآخرة» (٢) متفق عليه، هذا أيضًا مِنْ الأمثلة المتعلقة بالقاعدة فيما يتعلق بالآخرة.

يُعَبّر بعض الفقهاء عن هذه القاعدة بقولهم: (المعاملة بنقيض القصد)، أو يقولون: (المعاقبة بنقيض القصد)، أو (المعارضة بنقيض القصد)، كل هذا بمعنى واحد.


(١) أخرجه البخاري برقم (٥٨٣٣) عن ابن الزبير ، ومسلم برقم (٢٠٧٣)، عن أنس .
(٢) أخرجه البخاري برقم (٥٥٧٥)، ومسلم برقم (٢٠٠٣)، عن ابن عمر .

<<  <   >  >>