للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وبيانه: أن النبي قيَّد قبول العبادة بأخذها عنه، وصدورها منه ، إذ هو المشرِّع ، فاعتبار غير ما قاله أو فعله من العبادات عبادة تُفعل أو تقال: اعتبارٌ مردودٌ على صاحبه؛ لأن ذلك محظورٌ عليه.

وأما الأثر؛ فما أخرجه البيهقي في السنن الكبرى، والخطيب في الفقيه والمتفقه عن سعيد بن المسيب، أنه رأى رجلًا يصلي بعد طلوع الفجر ركعتين زائدتين عن سنة الفجر، يطيل في سجودهما وركوعهما، فزجره عن ذلك، فأنكر عليه المصلي ذلك، فقال له: «بل خالفت السنة» (١).

والآثار في ذلك كثيرة.

وثانيها: الاتفاق؛ فقد حكى شيخ الإسلام في مجموع الفتاوى اتفاق السلف على أن الأصل في العبادات الحظر والمنع (٢).

فائدة: إذا كان العمل في أصله مشروعًا، ولكن زِيْدَ في هيئته، أو أُنْقِصَ منه، فلا يحكم على بطلانه مطلقًا، ولا على صحته مطلقًا، لأن الخلل قد يكون في شيء يوجب بطلان العبادة، وقد يكون في شيء دون ذلك، ومثاله: الصلاة إذا


(١) نص الأثر عن أبي رباح، عن سعيد بن المسيب: أنه رأى رجلًا يصلي بعد طلوع الفجر أكثر من ركعتين يكثر فيها الركوع، والسجود فنهاه، فقال: يا أبا محمد يعذبني الله على الصلاة؟ قال: (لا، ولكن يعذبك على خلاف السنة). أخرجه البيهقي في السنن الكبرى برقم (٤١٣١)، وفي معرفة السنن والآثار مختصرًا برقم (٥٢٦٠).
(٢) ومن ذلك قوله : (ولهذا كان أحمد وغيره من فقهاء أهل الحديث يقولون: إن الأصل في العبادات التوقيف، فلا يشرع منها إلا ما شرعه الله، وإلا دخلنا في معنى قوله تعالى: ﴿أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ﴾ [الشورى: ٢١]، والعادات الأصل فيها العفو، فلا يحظر منها إلا ما حرمه، وإلا دخلنا في معنى قوله: ﴿قُلْ أَرَأَيْتُمْ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ لَكُمْ مِنْ رِزْقٍ فَجَعَلْتُمْ مِنْهُ حَرَامًا وَحَلَالًا﴾ [يونس: ٥٩]. ينظر: مجموع الفتاوى (٢٩/ ١٧).

<<  <   >  >>