للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أفعاله الجبلية التي ليس فيها وجهٌ للتعبد، قال (١): (كان بعض الصحابة يقتدي بالنّبي في كل أعماله ويقول: إنه يقتدي بالنبي ، وإن هذا من باب التعبد لله .

وكان ابن عمر يصلي في الموضع الذي كان يصلي فيه النبي (٢)، وكان إذا سافر إلى مكة لحج أو لعمرة، أو إلى غير ذلك كان يبول تحت شجرة ويقول: كان النبي يبول تحتها.

فهل هذا من الأمور التعبدية التي يشرع فعلُها أم لا؟

هذا موضع خلاف، ذهب ابن عمر إلى هذا، وجمهور الصحابة إلى أن هذا ليس موضع عبادة، وأنه ليس محل اقتداء في مثل هذه الأمور (٣).

فموضوع الاقتداء بأفعاله طويل، وإن كان الأظهر عند كثير من أهل العلم أن الفعل إذا ظهر فيه وجه القربة كان محلًّا للاقتداء، وإن لم يظهر


(١) ينظر: شرح القواعد السعدية، الزامل (ص ٦٩).
(٢) لحديث نافع ، قال: «كان ابن عمر ينيخ بالبطحاء التي بذي الحليفة، التي كان رسول الله ينيخ بها، ويصلي بها». أخرجه مسلم برقم (١٢٥٧).
(٣) قال شيخ الإسلام ابن تيمية : ( … ولأن ما فعله ابن عمر لم يوافقه عليه أحد من الصحابة، فلم ينقل عن الخلفاء الراشدين ولا غيرهم من المهاجرين والأنصار، أنه كان يتحرى قصد الأمكنة التي نزلها النبي ، والصواب مع جمهور الصحابة؛ لأن متابعة النبي تكون بطاعة أمره، وتكون في فعله، بأن يفعل مثل ما فعل على الوجه الذي فعله، فإذا قصد العبادة في مكان كان قصد العبادة فيه متابعة له، كقصد المشاعر والمساجد، وأما إذا نزل في مكان بحكم الاتفاق لكونه صادف وقت النزول، أو غير ذلك، مما يعلم أنه لم يتحر ذلك المكان، فإذا تحرينا ذلك المكان لم نكن متبعين له، فإن الأعمال بالنيات). ينظر: اقتضاء الصراط المستقيم مخالفة أصحاب الجحيم (٢/ ٢٧٤).

<<  <   >  >>