فيه وجه القربة فلا بأس بالتأسي به ﵊ من حيث الجملة، لكن الكلام في أنه يتبعه في أفعاله التي هي محضُ جبلة، والتي لا يظهر فيها وجهُ القربة، فجمهور الصحابة ﵃ كما قلنا يقولون: إنه لا يُشرع الاقتداء به في هذه الحال.
وقد خالف ابنَ عمرَ ﵄ أبوه فقد ثبت عنه ﵁ أنه كان في سفره، فالتفت يومًا فرأى أناسًا يصلون تحت شجرة، فقال: ما هذا؟ قالوا: أناس يزعمون أن النبي ﷺ صلى تحتها، فقال: أتريدون أن تتخذوا أثرَ نبيكم مسجدًا؟، أو كما قال ﵁، فأمر بقطعها (١) سدًّا للذريعة التي قد تفضي إلى الغلو، ثم تفضي إلى الابتداع والشرك، فلهذا يكون الصواب مع من خالف ابن عمر ﵁.
فالسنة أن تفعل كما فعل على الوجه الذي فعل، هذا هو محل الاقتداء، معنى هذا حينما تصلي في هذا المكان لأن النبي ﵊ صلى فيه ننظر هل صلى ﵊ في هذا المكان قصدًا أم اتفاقًا؟
نقول: إنما صلى اتفاقًا، أي: أنه جلس في هذا المكان وصلى فيه، وهكذا فأنت عندما تذهب إلى هذه الشجرة تصلي تحتها صليت قصدًا، والنبي ﵊ لم يصل تحتها قصدًا، فأنت في الحقيقة فعلت الفعل على غير الوجه الذي فعله ﷺ، فلا تكون متّبعًا إذا صليت عندها، بل قد يكون وسيلة إلى شيء من الغلو الذي يؤدي إلى الابتداع، ولهذا كان الصواب كما قلنا
(١) فقد روى ابن سعد في الطبقات (٢/ ١٠٠)، وابن أبي شيبة في المصنف (٢/ ٣٧٥)، عن نافع مولى ابن عمر ﵄ قال: «كان ناس يأتون الشجرة التي يقال لها: شجرة الرضوان التي بويع تحتها؛ فيصلون عندها، فبلغ ذلك عمر بن الخطاب؛ فأوعدهم فيها، وأمر بها فقطعت».