إباحة ذلك وتحريمه لكان ذلك عفوًا لا يجوز الحكم بتحريمه وإبطاله، فإن الحلال ما أحله الله، والحرام ما حرمه، وما سكت عنه فهو عفوٌ.
فكل شرط وعقد ومعاملة سكت عنها فإنه لا يجوز القول بتحريمها، فإنه سكت عنها رحمة منه من غير نسيان وإهمال، فكيف وقد صرحت النصوص بأنها على الإباحة فيما عدا ما حرمه.
وقد أمر الله تعالى بالوفاء بالعقود والعهود كلها، فقال تعالى: ﴿وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ﴾ [الإسراء: ٣٤]، وقال: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ﴾ [المائدة: ١]، وقال: ﴿وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ﴾ [المؤمنون: ٨]، وقال تعالى: ﴿وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُوا﴾ [البقرة: ١٧٧].
وفي صحيح مسلم من حديث الأعمش، عن عبد الله بن مرة عن مسروق عن عبد الله بن عمرو، قال: قال رسول الله ﷺ: «أربع من كن فيه كان منافقًا خالصًا، ومن كانت فيه خصلة منهن كانت فيه خصلة من النفاق حتى يدعها: إذا حدث كذب، وإذا عاهد غدر، وإذا وعد أخلف، وإذا خاصم فجر»(١).